فإنّ العرب إنّما نطقت برفع ما نطقوا به فاعلا ، ونصبوا ما نطقوا به مفعولا ، ثمّ حملنا نحن الباقي عليه ، للمشاركة في وصف الفاعليّة والمفعوليّة ، وذلك محض القياس.
الثالث : قوله تعالى (فَاعْتَبِرُوا)(١) فإنّه كما دلّ على القياس الشرعيّ دلّ على القياس اللّغوي.
الرابع : النبّاش يقطع ، وشارب النّبيذ يحدّ ، وكذا اللائط ، من غير ورود شرع فيهم ، بل بمجرّد القياس في الأسماء.
والجواب عن الأوّل : أنّ الدّوران هنا لا يدلّ على علّيّة الوصف بمعنى الباعث بل بمعنى الأمارة ، وكما دار اسم الخمر مع الشدّة المطربة كذا دار مع الشدّة المعتصرة من ماء العنب.
وينقض ما ذكرتموه بتسمية رجل الطّويل نخلة والفرس الأسود أدهم ، والمتلوّن بالبياض والسواد أبلق مع عدم الاطّراد ، ودوران الاسم مع الوصف في الأصل وجودا وعدما.
وعن الثاني : أنّ التّسمية ليست على نحو القياس ، بل العرب وضعت تلك الألفاظ لأسماء الاجناس بطريق العموم لا لمعيّن ، ثمّ قسنا نحن على ذلك المعيّن.
وعن الثالث : نمنع (٢) دلالته على القياس على ما يأتي.
__________________
(١) الحشر : ٢.
(٢) في «ج» : بمنع.