بل الخلاف إنّما هو في أسماء وضعت على مسمّياتها مستلزمة لمعان في محالّها وجودا وعدما ، وذلك مثل إطلاق اسم الخمر على النبيذ باعتبار مشاركته للمعتصر من العنب في الشدة المطربة المخمّرة على العقل ، ومثل إطلاق لفظة السّارق على النّباش بواسطة مشاركته للسّارق من الأحياء في الأخذ خفية ، ومثل إطلاق اسم الزاني على اللائط بمشاركة الإيلاج المحرّم.
والحقّ أنّه لا قياس.
لنا وجوه :
الأوّل : ما سيأتي من إبطال العمل بالقياس.
الثاني : إثبات اللغة بالمحتمل.
الثالث : أنّ أهل اللّغة إن وضعوا الخمر لكلّ مسكر كان تناوله للنبيذ بالتوقيف لا بالقياس ، وإن وضعوه للمعتصر من العنب خاصّة ، كان التّجاوز إلى النبيذ على خلاف قانون اللّغة ، وإن أطلقوا احتمل كلّا منهما على التّساوي فلا يدلّ على أحدهما دون الآخر.
احتجّوا بوجوه :
الأوّل : الدّوران ، وبيانه أنّ الاسم دار مع الوصف في الأصل وجودا وعدما ، وذلك يقتضي بالعلّية ، ووجود الاسم في الفرع تبعا لوجود الوصف فيه.
الثاني : أنّ العرب إنّما سمّت بالإنسان والفرس من كان في زمانهم ، ثمّ اطّردنا نحن الاسم (١) لما وجد في زماننا ، وسلّمنا رفع الفاعل ونصب المفعول ،
__________________
(١) في «ب» : ثم طرحنا تحت الاسم.