لتردّد الذّهن بين مفهوماته ، وقد يتعذّر عليه السؤال عن التعبير ، إمّا لاستنكافه عنه ، أو لمهابة المتكلّم عنده ، فحينئذ يحمله على غير المراد ، وقد يذكره لغيره فيكثر الجهل.
ومن هنا حكم المنطقيّون بأنّ الغالب في الأغلاط الاشتراك اللّفظي.
وأمّا القائل ، فلأنّه يحتاج مع إثباته بالمشترك إلى التلفّظ بالمفرد لتعيّن مراده ، فيبقى التلفّظ بالمشترك عبثا.
ولأنّه قد يظنّ وقوع ذهن السّامع على القرينة المعيّنة لمراده وليس فيه ضرر ، كما لو قال : أعطه عينا ، وقصد الماء ، فيتوهّم السامع الذهب.
وهذه المفاسد إمّا أن تقتضي امتناع وضع المشترك أو مرجوحيّته.
الخامس : الحاجة إلى المفرد أكثر ، فيكون أرجح من المشترك.
أمّا المقدّمة الأولى ، فلأنّ مهمّات المعاش إنّما تتمّ بإفهام الغير ما في الضمير لتحصل له الاستعانة به ، والإفهام إنّما هو باللّفظ على ما تقدّم ، ومع الاشتراك لا يحصل الفهم ، بل مع الانفراد.
وأمّا قلّة الحاجة إلى المشترك (١) ، فلأنّ الغاية التعريف الإجماليّ ، وهو يحصل بالترديد بين المفردات ، فالغناء واقع في المشترك دون المنفرد ، فيكون المشترك مرجوحا وجودا وتصوّرا.
اعترض (٢) على الأوّلين بأنّ ظنّ وضع اللّفظ للمعنى يوجب حمله عليه ،
__________________
(١) هذه هي المقدّمة الثانية.
(٢) المعترض هو «سراج الدين» لاحظ نفائس الأصول : ١ / ٤٠٢.