ولأنّا قد بيّنا أنّ الشارع تجوّز بألفاظ عربيّة في معان لم يعرفها أهل اللغة ، وكذا كلّ أهل فنّ من العلوم استخرجوا معاني وضعوا لها ألفاظا عربيّة للمناسبة ، فيكون مجازا.
وفيه نظر إذ الثابت الوضع العرفيّ ، أمّا المجاز فلا ، وإسناد الوضع إلى المناسبة ممنوع.
ولأنّه لو كان نقليّا لما افتقر إلى النظر في العلاقة ، مع أنّهم اتّفقوا على أنّ وجوه المجازات والاستعارات ممّا يحتاج في استخراجها إلى الفكر والنظر الدقيق.
قيل : النظر لاستخراج جهات حسن المجاز والاطّلاع على الحكمة.
ولأنّ النظر إنّما هو للواضع.
وأيضا لو كان نقليا لما افتقر إلى العلاقة ، بل كان النقل فيه كافيا.
قيل : الافتقار إلى العلاقة إنّما كان لضرورة توقف المجاز من حيث هو مجاز عليها ، وإلّا كان إطلاق الاسم عليه من باب الاشتراك لا من باب المجاز.
ولأنّك إذا قلت : رأيت أسدا وعنيت به الشجاع ، فالغرض من التعظيم إنّما يحصل بإعارة معنى الأسد له ، فإنّك لو أعطيت الاسم دون المعنى لم يحصل التعظيم.
وإذا كانت إعارة اللّفظ تابعة لإعارة المعنى وكانت إعارة المعنى حاصلة بمجرّد قصد المبالغة ، لم يتوقّف استعمال اللّفظ المستعار على السمع.
وفيه نظر ، لحصول التعظيم بإعارة الشجاعة الّتي للأسد.