الثالث : قد ترد هذه الصّيغة من الأعلى للأدنى على سبيل الخضوع ، ولا يكون أمرا ، وقد ترد من الأدنى نحو الأعلى ويكون أمرا إذا كانت على سبيل الاستعلاء ، ولهذا يوصف بالجهل والحمق.
الرابع : لو فرضنا أنّ الواضع لم يضع لفظة «افعل» لشيء أصلا ، حتّى كانت هذه اللفظة من المهملات ، ففي تلك الحالة لو تلفّظ الإنسان بها مع من دونه ، لا يقال فيه : إنّه أمر.
الخامس : لو صدرت هذا الصّيغة عن النائم والسّاهي ، أو على سبيل انطلاق اللّسان بها اتّفاقا ، أو على سبيل الحكاية ، لا يقال فيه : إنّه أمر.
قيل عليه : لا نسلّم أنّه قول لغيره افعل. (١).
وفيه نظر ، فإنّ الغالط والساهي يقال : إنّه قال لغيره.
السادس : لو وضعت هذه الصّيغة بإزاء الخبر ، وصيغة الخبر بإزاء الأمر ، لم تكن هذه الصيغة أمرا.
السابع : المطلوب تحديد ماهيّة الأمر من حيث هي ، وتلك لا تختلف باختلاف اللّغات.
لا يقال : قولنا : «أو ما يقوم مقامه» يزيل هذا الاشكال.
لأنّا نقول : إن عنيت بقولك : أو ما يقوم مقامه في الدلالة على الطّلب ، كان تحديد الأمر باللفظ الدّال على طلب الفعل كافيا ، ويقع التعرّض بخصوص صيغة افعل ضائعا.
__________________
(١) انظر نفائس الأصول : ٢ / ٧٨.