الثاني : قد يقول الشخص لغيره : أريد منك هذا الفعل ، لكنّني لم امرك به ، ولو كان الأمر هو الإرادة لزم التناقض.
الثالث : السّلطان إذا توعّد من ضرب عبده بالانتقام ، فاعتذر السيّد إليه بأنّ العبد يخالفه في أوامره ، وطلب السّلطان منه إظهار صدقه بأن يكلّفه بأمره في نظره ، فإنّه يأمره ولا يريد منه الفعل ، إظهارا لتمرّده.
الرابع : يجوز نسخ الشيء قبل مضيّ [مدّة] الامتثال ، فلو كان الأمر والنهي عبارتين عن الإرادة والكراهة ، كان الله تعالى مريدا كارها للفعل الواحد ، في الوقت الواحد ، من الوجه الواحد ، وهو باطل إجماعا (١).
والجواب عن الأوّل ما سبق ، من أنّ العلم تابع ، والاستحالة نشأت من فرض العلم كما تنشأ من فرض النقيض ، إذ لا فرق بين فرض العلم والمعلوم ، والدّاعي من فعل العبد ، ولا تسلسل.
وقد تقدّم عدم المنافاة بين الإيجاب بالنسبة إلى الدّاعي ، والإمكان من حيث القدرة ، وإثبات هذين في أفعاله تعالى.
وقول الرّجل لغيره : أريد منك هذا ولا امرك به باعتبار أنّ الإرادة الأولى لم تكن خالصة ، ويمكن أن تحصل إرادة مشوبة بعوارض ، فلا توقع المريد الفعل بها ، فكذا هنا.
ووجود الأمر من الحكيم ممنوع ، بل الوجود صيغة الأمر ، ولا يلزم من وجود الصّيغة الدالّة على الأمر وجود الأمر كما في الساهي وغيره.
__________________
(١) انظر المحصول في علم الأصول : ١ / ١٩١ ـ ١٩٣.