وقال ابن المنذر ليزيد بن المهلّب أمير خراسان والعراق :
أمرتك أمرا حازما فعصيتني |
|
فأصبحت مسلوب الإمارة نادما (١) |
وعلى اعتبار الاستعلاء : أنّهم فرّقوا بين الأمر والالتماس والسؤال ، فقالوا : إن كان الطّلب باستعلاء كان أمرا ، وإن قارن الخضوع فهو السؤال ، وإن قارن التساوي فهو الالتماس ، ويستقبحون قول القائل : أمرت الأمير.
ولأنّ من قال لغيره : افعل على سبيل الاستعلاء ، يقال : إنّه أمره وإن كان أدنى رتبة ، ومن قال لغيره : افعل على سبيل التضرّع إليه ، لا يقال : إنّه أمره وإن كان أعلى رتبة من المقول له.
واحتجّ السيّد المرتضى بأنّه يستقبح في العرف أن يقال : أمرت الأمير ونهيته ، ولا يستقبح : سألته وطلبت منه ، ولو لا أنّ الرّتبة معتبرة وإلّا لما كان كذلك.
قال السيد : والنهي جار مجرى الأمر في هذه القضيّة ، وما له معنى الأمر وصيغته من الشفاعة تعتبر أيضا فيه الرّتبة ، لأنّهم يقولون : شفع الحارس إلى الأمير ، ولا يقولون : شفع الأمير إلى الحارس.
فالرتبة معتبرة في الشفاعة بين الشافع والمشفوع إليه ، كما أنّها معتبرة في الأمر بين الامر والمأمور ، ولا اعتبار بها في المشفوع فيه ، كما ظنّه من خالفنا في الوعيد ، لأنّ الكلام ضربان : فضرب لا تعتبر فيه الرّتبة ، وضرب تعتبر فيه
__________________
ـ الأنوار : ٢٨ / ٣٢٩ وج ٣٣ / ٣٢٢ وقد استشهد بهذا البيت الإمام علي عليهالسلام في بعض خطبه ، (نهج البلاغة ، الخطبة ٣٥).
(١) لاحظ تاريخ الطبري : ٥ / ١٩٣ و ٤٧٣ ؛ والمحصول في علم الأصول : ١ / ١٩٩.