وفيه نظر ، فإنّ الفعل قد يكون مشتملا على مصلحة خالصة عن المفاسد ، ولا يكون واجبا.
نعم إن اشتمل تركه على مفسدة كان واجبا ، وبهذا الحرف خرج المندوب عن الوجوب.
واعترض أيضا ، بأنّه لما انتقض كلّ منهما ، وجب الترجيح.
فيه نظر ، فإنّا نمنع النقض (١) لأنّ الإذن في الترك إذن في إنكار القبيح ، وإلزام استيفاء المصلحة إلزام بالحسن ، والأوّل قبيح دون الثاني.
الرابع عشر : الأمر يدلّ على الرجحان قطعا ، وهو لا ينفكّ عن أحد قيدي : المنع من الترك ، والإذن فيه.
وإفضاء المنع من الترك إلى الوجود ، أكثر من إفضائه إلى العدم ، وإفضاء الإذن في الترك إلى العدم ، أكثر من إفضائه إلى الوجود.
ومعلوم أنّ الّذي هو أكثر إفضاء إلى الرّاجح ، راجح على الّذي يكون إفضاء إلى المرجوح ، فشرعيّة المنع من الترك راجحة على شرعيّة الإذن فيه.
والعمل بالظنّ واجب ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا أقضي بالظاهر» (٢).
ولأنّ العمل بالمرجوح ترجيح بالمرجوح على الرّاجح ، وهو باطل بالضّرورة ، فيتعيّن الراجح.
__________________
(١) في «أ» و «ج» : النّقيض.
(٢) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة ولكن يوافقه ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض ، وإنّما أقضي على نحو ما أسمع منه ... وسائل الشيعة : ١٨ / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، الباب ٢ من أبواب كيفيّة الحكم ، الحديث ١ و ٣.