لأنّا نقول : تعليق الحكم بالوصف لا يدلّ على نفيه عمّا عداه [لا] قطعا ولا ظاهرا ، لأنّه لو دلّ عليه ظاهرا لكان صرفه إلى الوجوه الّتي ذكرناها مخالفة للظّاهر ، والأصل عدمه (١).
وفيه نظر ، فإنّ هذا التقسيم إنّما يلزم لو قلنا : إنّ التقييد خاصّة يدلّ على النفي ، أمّا على تقدير أن يكون مقدّمة فلا ، وتقريره أن نقول : هذا تخصيص فلا بدّ له من فائدة ، ولا فائدة سوى النّفي.
الثاني : الأمر المقيّد بالوصف قد يرد مع نفي الحكم عمّا عداه اتّفاقا ، ومع ثبوته ، كما في قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٢).
(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)(٣).
والاشتراك والمجاز على خلاف الأصل ، فيبقى حقيقة في القدر المشترك ، وهو ثبوت الحكم في المذكور ، مع عدم الدّلالة في غيره نفيا وإثباتا. (٤)
وفيه نظر ، إذ لا يلزم من عدم الإرادة في بعض المواضع لمانع عدم الوضع ، ونحن إنّما نقول بالعدم لو لم يكن للتخصيص فائدة سوى العدم ، أمّا مع وجود فائدة أخرى فلا ، وذلك كما إذا خرج التقييد مخرج الأغلب ، فإنّه لا يدلّ على النفي اتّفاقا ، كما في قتل الأولاد ، فإنّ الغالب أنّه
__________________
(١) الإشكال والجواب مذكوران في المحصول للرازي : ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣.
(٢) الإسراء : ٣١.
(٣) المائدة : ٩٥.
(٤) الاستدلال مذكور في المحصول للرازي : ١ / ٢٦٤ ، وتنظّر فيه المصنّف.