الشّروع يجب أن يقع الصّوم على هذه الوجه ، لقوله عليهالسلام : «ولكلّ امرئ ما نوى» (١).
ولأنّه لم يكن واجبا قبل الفعل ، فكذا حاله ، عملا بالاستصحاب.
[الفرع] الرابع : قال الأستاذ أبو اسحاق : المباح داخل تحت التكليف. (٢)
والحقّ خلافه ، كما ذهب إليه الباقون ، لأنّ التكليف مطلوب فيه الفعل ، ولا بدّ فيه من الترجيح ، ولا ترجيح في المباح.
ولأنّ التكليف مأخوذ من الكلفة والمشقّة ، ولا مشقّة في المباح ، لكونه مخيّرا بين الفعل والترك.
احتجّ بأنّه قد ورد التكليف باعتقاد إباحته ، فيكون تكليفا.
والجواب : الاعتقاد مغاير للفعل ، فالتكليف بالاعتقاد ليس تكليفا بالمباح ، فإن جعله تكليفا بهذا الاعتقاد ، كان مغايرا للمصطلح ، ومراعى في العبادة.
[الفرع] الخامس : اختلفوا في المباح هل هو حسن؟
والحقّ : أنّ الحسن إن كان هو ما رفع الحرج في فعله وتركه ، أو أنّه الّذي لفاعله أن يفعله ، أو بأنّه ما لا مدح فيه ولا ذمّ ، فهو حسن بهذا الاعتبار.
وإن أريد به ما يستحقّ فاعله بفعله التعظيم ، أو الثواب ، فليس من هذا الباب.
__________________
(١) أخرجه النسائي في سننه : ١ / ٥٨ ـ ٥٩ ؛ وابن ماجة في سننه : ٢ / ١٤١٣ برقم ٤٢٢٧ ؛ وأحمد بن حنبل في مسنده : ١ / ٢٥ و ٤٣.
(٢) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ١ / ٩١.