[الفرع] الثاني : قال الأستاذ أبو إسحاق الأسفرائيني (١) : المندوب تكليف ، لأنّه لا يخلو من كلفة ومشقّة ، فإنّه سبب الثّواب ، لأنّه إن فعله حصل له المشقّة كالواجب ، وإن تركه شقّ عليه ما فاته من الثواب بفعله ، وربما كان ذلك أشقّ عليه من الفعل. (٢)
وخالفه الباقون ، لأنّ التكليف إنّما يكون لما فيه كلفة ومشقّة ، والمندوب مساو للمباح في التخيير بين الفعل والترك ، فلا يكون تكليفا كالمباح.
والجواب عمّا قاله : أنّه يلزم أن يكون حكم الشارع على الفعل بكونه سببا للثواب ، تكليفا ، لأنّه إن أتى بالفعل رغبة في الثواب الّذي هو سببه ، كان مشقّة ، وإن تركه ، شقّ عليه ما فاته من الثواب ، وهو خلاف الإجماع.
والتحقيق : أنّ أبا اسحاق إن أراد بالتكليف ما هو سبب المشقّة ، ورد عليه ما قالوه ، وأن يكون الأمر نفسه تكليفا ، وإن أراد ما تحصل المشقّة بفعله ، لم يرد ، لأنّ الحكم بالسببيّة ليس من فعلنا.
[الفرع] الثالث : اختلفوا في المندوب هل يصير واجبا بالشروع فيه؟ فعند أبي حنيفة : أنّه يصير واجبا بالشروع.
خلافا للشافعي والإماميّة.
لنا : قوله عليهالسلام : «الصائم المتطوّع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر». (٣)
ولأنّا نفرض البحث فيما إذا نوى صوما مندوبا ، يجوز له تركه ، فعند
__________________
(١) تقدّمت ترجمته ص ١٥١.
(٢) لاحظ المحصول للرازي : ١ / ٣٠١.
(٣) أخرجه الترمذي في سننه : ٣ / ١٠٩ برقم ٧٣٢ ؛ والدار قطني في سننه : ٢ / ١٧٥ ؛ والحاكم في المستدرك : ١ / ٤٣٩.