لنفسه الاعتذار في مثل هذه المباحث الضيّقة بمثل هذا؟
وهلّا قالوا : إنّ تعلّق العلم بإيمان زيد يكشف عن أنّ قدرة زيد وإرادته تعلّقتا به على ذلك الوجه ، كما قالوا في فعله تعالى ، والجبر الّذي استنصره ، وادّعى إمكانه ، يقتضي أن يكون هناك جبر ممتنع الوقوع.
وليت شعري ما ذلك الجبر؟ هل هو غير عدم قدرة العبد ، وأنّ فعله يجري مجرى سقوط الحجر إلى أسفل؟
ثمّ اعتذارهم عن دفع الإيجاب وقت حدوث العالم ، بكون العلم تابعا في حقّ العبد كما بيّنا ، وكون العلم كاشفا عن الوجوب ، يلزمه سبق الوجوب من غير فرض العلم ، وهو محال ، لاستلزامه نفي القدرة عن الله تعالى وعن العبد حال فرض الخلوّ عن العلم.
ولمّا اعترف بأنّ العلم لا يقتضي الإيجاب ، من حيث إنّه تابع ، فلا يزيل حكم متبوعه ، وهو القدرة الّتي هي أصل الفعل ، لم يلزم جواز الجمع بين الضدّين في الأمر (١) بالإيمان مع العلم بعدمه ، وأيّ دليل قاطع اقتضى كون التكاليف بأسرها تكليفا بما لا يطاق؟
والجواب عن الثاني : بالمنع من الإخبار بعدم إيمان أبي لهب ، والوعد بأنّه (سَيَصْلى ناراً) (٢) لا يدلّ على الإخبار بعدم تصديقه للنبي صلىاللهعليهوآله ، لإمكان تعذيب المسلم كالفاسق.
أو نقول : إنّه «يصلى النار» على تقدير عدم إيمانه.
__________________
(١) في «أ» : بالأمر.
(٢) المسد : ٣.