ولا يلزم إيجاب العالم وقت حدوثه ، لأنّ الوقوع أصل العلم به ، وهو تبع القدرة والإرادة ، والفرع لا يغني عن الأصل.
والعلم ليس سبب الوجوب ، لكنّه كاشف عن الوجوب.
قوله : هذا لا يدلّ على جواز الجمع بين الضدّين.
قلنا : بلى ، لأنّ علم الله تعالى بعدم إيمان زيد ، ينافي وجود إيمانه ، فإذا أمره بإدخال الإيمان في الوجود حال العلم بعدمه ، فقد كلّفه بالجمع بين المتناقضين.
قوله : يقتضي أن يكون كلّ تكليف فهو بما لا يطاق.
قلنا : الدلائل القطعية لا تندفع بأمثال هذه.
والجواب : لا فرق بين العلم الأزلي والحادث في امتناع انقلابهما ، واستحالة الوقوع بخلافهما ، ولمّا كان العلم الحادث غير مقتض للإيجاب السّابق ، ولا مغيّرا للشيء عن حكم إمكان الذّاتي ، كان الأزليّ كذلك.
وانقلاب العلم جهلا ، لازم للإيمان بعد فرض العلم بالكفر الّذي هو في الحقيقة فرض الكفر ، فالمحال نشأ لا من الفرض الكفر بدلا عن الإيمان ، بل منه ومن فرض مطابق نقيضه ، ولا يلزم من ، استلزام المجموع المحال استلزام جزء منه معيّن لذلك المحال.
ومن العجائب : اعترافهم بأنّ العلم الأزلي بالوقوع الحادث ، تبع للوقوع في حقّ الله تعالى ، دون حقّ العبد ، وأيّ فارق بينهما؟ وهل يرتضي (١) العاقل
__________________
(١) في «ج» : يرضى.