وإن لم يكن سببا ، سقط دليلكم ، لابتنائه على أنّ المعلوم صار واجب الوقوع عند تعلّق العلم به.
[الوجه] الثامن : لو اقتضى ما ذكرتموه امتناع الإيمان من الكافر ، لكان بالنظر إلى العلم لا لذاته ، فلم قلتم : إنّ المحال لذاته يجوز ورود الأمر به؟
[الوجه] التاسع : هذا الدّليل يقتضي أن يكون كلّ تكليف فهو تكليف بما لا يطاق ، ولم يذهب إليه أحد ، وإن كان لازما للمجبّرة ، إلّا أنّهم ينكرونه باللّسان ، فما ينتجه الدّليل لا يقول به الخصم ظاهرا ، وما يقوله لا ينتجه ، فيكون ساقطا.
اعترض (١) : بأنّا وإن لم نعلم أنّ علم الله تعالى تعلّق بإيمان زيد ، أو بكفره ، لكنّا نعلم أنّ علمه تعالى تعلّق بأحدهما على التعيين ، وذلك العلم كان حاصلا في الأزل ، فلو لم يحصل متعلّقه ، لزم انقلاب العلم جهلا ، وهو محال ، لامتناع الجهل على الله تعالى ، و (٢) تغيّر الشيء في الماضي (٣).
ونحن ندّعي استحالة خلاف المعلوم وإن يكن العلم مؤثّرا.
ولا يلزم نفي قدرته تعالى ، لأنّ العلم بالوقوع ، تبع الوقوع الّذي هو تبع القدرة والإرادة ، فلا يكون الفرع مانعا من الأصل ، بل تعلّق علمه به على الوجه المخصوص ، يكشف عن أنّ قدرته وإرادته تعلّقتا به على ذلك الوجه.
والجبر الّذي جعلتموه لازما ، إن عنيتم به عدم تمكّن العبد من خلاف فعل معلوم لله تعالى ، فلم قلتم : إنّه محال؟
__________________
(١) المعترض هو الرّازي.
(٢) هذا هو الوجه الثاني لكونه محالا.
(٣) المحصول : ١ / ٣٠٦.