[الوجه] الرابع : أنّ هذا الدليل يفني قدرته تعالى ، لأنّ ما فعله الله تعالى لا بدّ وأن يكون معلوم الوقوع ، فيستحيل عدم وقوعه ، وحينئذ لا يكون الترك ممكنا ، ويكون الفعل واجبا ، فلا يقع مقدورا ، فيلزم ألا يقدر الله تعالى على شيء ، وهو باطل قطعا.
[الوجه] الخامس : لو وجب معلوم الوقوع ، وامتنع معلوم العدم ، لم يبق فرق بين حركاتنا الاختياريّة والاضطراريّة ، ولمّا حكم كلّ عاقل بالفرق بين حركاتنا يمنة ويسرة بحسب اختيارنا ، وبين حركتنا حال السّقوط من شاهق ، وبين حركتنا ، وحركة الأشجار بالرّياح ، وحركة الحجر حال هبوطه ، من حيث إنّه لا يكون ذلك باختيارنا ، علمنا بطلان ما قلتموه ، لأنّه استدلال في معارضة ما علم بطلانه بالضّرورة ، فكان كشبه السوفسطائيّة.
[الوجه] السادس : لو كان معلوم الوقوع واجبا ، لكان العالم واجب الوجود في الوقت الّذي علم الله تعالى أنّه يوقعه فيه ، والواجب يستغني عن المؤثّر ، فيكون حدوثه مستغنيا عن المؤثّر ، فيلزم ألا يفتقر العالم إلى مؤثّر ، ولا غيره من الحوادث ، وذلك يوجب نفي قادر المختار ، وهو كفر.
[الوجه] السّابع : تعلّق العلم به : إمّا أن يكون سببا لوجوبه ، أو لا يكون.
والأوّل يقتضي أن يكون العلم قدرة وإرادة ، إذ معناهما (١) الأمر الّذي باعتباره يرجّح الوجود على العدم ، فيصير العلم عين القدرة والإرادة ، فيلزم انقلاب الحقائق ، وهو محال.
__________________
(١) أي القدرة والإرادة.