عنها ، كان اعتقاد وجود ذلك المطلوب في هذه الحالة ، اعتقادا تقليديّا ، لا يقينيّا.
والجواب عن الأوّل بوجوه :
[الوجه] الأوّل : نمنع استحالة الإيمان من الكافر ، وأنّ حصوله يفضي إلى انقلاب علم الله تعالى جهلا ، وذلك : لأنّ العلم تابع للمعلوم ، يتعلّق به على ما هو عليه ، فإن كان الشيء واقعا ، تعلّق العلم بوقوعه ، وإن كان غير واقع ، تعلّق العلم بعدمه.
فالإيمان إن وقع ، علمنا بأنّ الله تعالى كان في الأزل عالما بوقوعه.
وإن فرضناه غير واقع ، لزم القطع بأنّ الله تعالى علم عدم وقوعه ، ففرض الإيمان بدلا عن الكفر ، لا يقتضي تغيّر العلم ، بل يقتضي أن يكون الحاصل في الأزل ، هو العلم بالإيمان بدلا عن العلم بالكفر.
[الوجه] الثاني : الإيمان في نفسه ممكن قبل العلم بعدمه ، فلو انقلب واجبا بسبب العلم ، لكان العلم مؤثّرا في المعلوم ، وهو محال ، فإنّ العلم تابع ، فلا يؤثّر في متبوعه.
[الوجه] الثالث : سلّمنا الوجوب ، لكنّه وجوب لاحق حصل بعد فرض العلم ، فلا يؤثّر في الإمكان الذاتيّ ولا القدرة ، كما أنّ فرض المعلوم يوجبه وجوبا لا حقا ، ولا يؤثّر في إمكان الطرف الآخر.
والأصل في ذلك : أنّ العلم والمعلوم متطابقان ، والأصل في هيئة التّطابق ، المعلوم ، ولا فرق بين فرض الشيء وفرض مطابقه ، ولا ينافي ذلك تأخّر المعلوم عن العلم ، فإنّ العلم حكاية ، والحكاية قد تتقدّم زمانا وتتأخّر ، وهي متأخّرة على التقديرين بالذّات عن المحكيّ ، وكذا العلم السّابق.