العاشر : الأمر بالنظر ثابت لقوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا) (١) (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) (٢) وذلك تكليف ما لا يطاق.
بيانه : أنّ التصوّر غير مقدور ، فالقضايا الضّروريّة كذلك ، فا [لقضايا ا] النظريّة كذلك ، وحينئذ لا يكون النظر والفكر مقدورا.
أمّا عدم القدرة على اكتساب التصوّر ، فلأنّ المتكسب لها إمّا أن تكون معلومة له حالة الطّلب أو لا ، والأوّل تحصيل الحاصل ، والثاني يكون غير خاطرة بباله ، والذهن غافل عنها ، فلا تكون مطلوبة ، للعلم الضروري بأنّ القادر ، إذا كان غافلا عن شيء ، استحال أن يحاول تحصيله.
لا يقال : إنّها متصوّرة من وجه دون آخر.
لأنّا نقول : الوجهان متغايران ، فالمعلوم معلوم بتمامه ، فلا يطلب ، لأنّه تحصيل الحاصل ، والمجهول مجهول بتمامه ، فلا يطلب.
وإذا ثبت كون التّصورات غير مكتسبة ، فكذا البديهيّات ، لأنّ تصوّراتها إن كفت (٣) في الحكم ، كان حصوله عقيب حصولها واجبا ليس باختيار القادر ، وإن لم تكف ، افتقرت إلى وسط ، فلا تكون بديهيّة ، هذا خلف.
فالبديهيّات غير مقدورة ، فتكون النظريّات كذلك ، لأنّ لزومها عن الضروريّات : إمّا أن يكون واجبا ، فلا تكون مقدورة ، أو لا يكون واجبا ، فلا تكون يقينيّة ، لأنّا إذا استدللنا بدليل مركّب من مقدّمات ، ولم يجب المطلوب
__________________
(١) يونس : ١٠١.
(٢) الأعراف : ١٨٤.
(٣) في «ج» : إن كشفت.