وإذا كان موجودا ، ثبت أنّ القدرة لا توجد إلّا عند وجود الفعل.
الثامن : لو كان العبد قادرا على الفعل ، لكان إمّا قادرا حال وجود الفعل ، أو قبله ، والأوّل محال ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، وكذا الثاني ، لأنّ القدرة المتقدّمة إن كان لها أثر في الفعل حال تقدّمها ، كان تقدير تأثير القدرة في المقدور حاصلا في الزّمان الأوّل ، ووجود الفعل غير حاصل في الزّمان الأوّل ، فتأثير القدرة في المقدور مغاير لوجود المقدور.
ثمّ ينقل الكلام إلى ذلك المغاير فنقول : المؤثّر إمّا أن يؤثّر في ذلك المغاير حال وجوده ، أو قبله.
فإن كان الأوّل ، كان إيجادا للموجود ، وإن كان الثاني تسلسل.
وإن لم يكن لها أثر في الزّمان المقدّم ، وثبت أنّه لا أثر لها في المقارن ، فلا أثر لها البتّة ، فليس للعبد قدرة أصلا.
التاسع : الأمر بالمعرفة ثابت لقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(١) إمّا أن يتوجّه على العارف بالله تعالى ، أو على غيره.
والأوّل محال ، وإلّا لزم تحصيل الحاصل ، والجمع بين المثلين.
والثاني كذلك ، لأنّ غير العارف بالله تعالى ما دام غير عارف ، استحال أن يعرف أنّ الله تعالى أمره بشيء ، لأنّ العلم بأنّه أمره ، مشروط بالعلم به.
وإذا استحال أن يعرف أنّ الله تعالى أمره [بشيء] كان توجيه الأمر عليه في هذه الحالة ، توجيها للأمر على من يستحيل أن يعلم ذلك الأمر ، وهو تكليف ما لا يطاق.
__________________
(١) محمّد : ١٩.