سلّمنا أنّ التعذيب على ترك الصلاة ، لكن جاز أن يكون إخبارا عن قوم ارتدّوا بعد إيمانهم ، مع أنّهم ما صلّوا حال إسلامهم ، لأنّه واقعة حال ، فيكفي في صدقه صورة واحدة.
سلّمنا العموم ، لكنّ الوعيد على فعل الجميع ، لا على فعل كلّ واحد.
لأنّا نقول : لو لا الصّدق لما كان في رواية قولهم فائدة ، مع وجوب حمل كلامه تعالى على ما هو أكثر فائدة ، وتلك الآيات كذّبهم الله تعالى فيها أجمع.
والعجب أنّ فخر الدين سلّم هذا الاعتراض ، واعتذر بأنّ عدم التكذيب للظّهور عند العقل ، بخلاف صورة النزاع ، فإنّ العقل لما خفي عنه التكذيب ، وجب أن يكذّبهم فيها لو كانوا كاذبين. (١)
وليس بجيّد ، فإنّه تعالى عقّب الأولى بقوله :
(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ)(٢).
والثانية بقوله : (بَلى)(٣).
والثالثة بقوله : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)(٤).
ولو لا دخول القيود في التعليل ، لم يكن الإدخال جائزا.
__________________
(١) المحصول في علم الأصول : ١ / ٣١٩.
(٢) الأنعام : ٢٤.
(٣) النّحل : ٢٨.
(٤) المجادلة : ١٨.