وفضّله على جميع أصناف الموجودات وأجناس الممكنات ، وأوجب عليه امتثال أوامره واجتناب معاصيه ، وحظّر عليه ارتكاب زواجره ونواهيه ، بدلائل من عنده على لسان نبيّه وعبده ، تفتقر إلى النظر والاعتبار ، وتحتاج إلى استعمال قوى الأذهان والأفكار.
وأوجب على العلماء الّذين هم ورثة الأنبياء إيضاح تلك الدلائل المشكلة وكشف المعاني المعضلة ، لتتمّ فوائدها وتحصل مقاصدها.
ولمّا كان أصول الفقه هو الباحث عن تلك الفوائد ، والمحصّل لغرر تلك الفرائد ، وجب صرف العناية إلى البحث عن مطالبه ، وإيضاح الحقّ في مآربه.
وقد صنّفنا كتبا متعدّدة من المختصرات والمطوّلات ، الجامعة لجميع النّكات ، وسأل الولد العزيز «محمّد» أسعده الله تعالى في الدّارين وأيّده بتحصيل الرئاستين ، وتكميل القوّتين ، وجعلني الله فداه من جميع ما يخشاه ، وحباه بكلّ ما يرجوه ويتمنّاه إنشاء (١) كتاب جامع لما ذكره المتقدّمون حاو لما حصّله المتأخّرون ، مع زيادة نفيسة (٢) لم يسبقنا إليها الأوّلون.
فصرفنا الهمّة إلى وضع هذا الكتاب الموسوم ب «نهاية الوصول إلى علم الأصول» مشتملا على ما طلبه وأراده ، نفعه الله تعالى بما فيه ، وزاده بمنّه وكرمه.
وقد رتّبناه على مقاصد معتمدين على واجب الوجود ، إنّه (٣) خير موفّق ومعين.
* * *
__________________
(١) مفعول لقوله «وسأل الولد ...».
(٢) في «ب» : مع زيادات بيّنة.
(٣) في «ج» : وإنّه.