إن كان جميع الأحكام لم ينعكس ، فإنّ أكثر الفقهاء لا يحيطون بجميع الأحكام ، وقد سئل «مالك» (١) عن أربعين مسألة فقال في ستّة وثلاثين منها : لا أدري (٢).
وإن كان البعض لم يطّرد ، فإنّ المقلّد يعرف بعض الأحكام وليس بفقيه.
لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّ المجتهد إذا غلب على ظنّه ثبوت الحكم بدليل ظنّي كخبر الواحد وشبهه قطع بوجوب العمل بظنّه ، فالحكم معلوم والظنّ وقع في طريقه.
لا يقال : إذا كانت إحدى مقدّمات الدّليل ظنيّة كان ظنّيا.
لأنّا نقول : هنا مقدّمتان قطعيّتان إحداهما أنّ الحكم مظنون ، وهي وجدانيّة ، والثانية وجوب العلم بالظّنّ ، وهي إجماعيّة ، فيحصل القطع بالحكم.
وعن الثاني أنّ المراد الجميع ، وينعكس ، إذ المراد العلم بالفعل بأكثر الأحكام بحيث يقدر على استخراج ما يرد عليه ممّا ليس حاضرا عنده إمّا بالقوّة أو الفعل ، ويطّرد ، فإنّ المقلّد لا يعلم عن استدلال تفصيليّ على ما علمه.
واحترز بعضهم (٣) في الحدّ فقال : العلم بجملة غالبة من الأحكام.
وهو خطأ ، لعدم الضبط.
__________________
(١) مالك بن أنس الأصبحي الحميري أبو عبد الله المدني ، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنّة ، المتوفّى ١٧٩ ه ، وإليه تنسب المالكية.
(٢) لاحظ نهاية السئول في شرح منهاج الأصول : ١ / ٢٥ وإليك نصّه : «وقد ثبت أنّ «مالكا» سئل عن أربعين مسألة ، فأجاب عن أربع ، وقال في ستّ وثلاثين : لا أدري» وذكره أيضا عبد الوهاب بن عليّ السّبكي في «رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب» : ١ / ٢٤٥.
(٣) وهو عليّ بن محمد الآمدي في «الإحكام في أصول الأحكام» : ١ / ١٤٨.