الاصول ؛ لأن إحدى مقدمات دليل الانسداد هي عدم إمكان جريان الأصل في كلّ واقعة ، فبعد عدم إمكان جريان الأصل تصل النوبة الى الظنّ الانسدادي ، فكلامه من هذا الحيث أيضا مورد إشكال ليس في محلّه ، فيرد عليه الإشكالات الثلاثة التي ذكرناها. (١)
اذا عرفت هذا كله نقول في مقام التقسيم بيانا خال عن الاشكال ، وهو أن نقول : إنّ الشخص إذا التفت الى حكم شرعي : فإمّا أن يحصل له العلم ، وإمّا أن يحصل له الظنّ ، وإما أن يحصل له الشكّ ، فلو قيل بهذا التعبير لا يرد إشكال.
ثمّ إنّه حيث يكون لنفس القطع والظنّ الحكم بمعنى أنّ نفسها حيث يكونان قابلين للحكم لأنّ فيهما جهة الإراءة والكشف ، وإن كان الكشف في الظنّ هو كشف ناقص يصحّ أن يقال : إنّ نفس القطع والظنّ قابلان للحكم ، وأمّا الشكّ فحيث لم يكن فيه جهة كشف أصلا لم يكن الشكّ بنفسه قابلا للحكم ، ولذا عبّر الشيخ رحمهالله ـ ولقد أجاد في كلامه ـ بأنّ المرجع في صورة الشكّ هو الاصول العملية.
فعلى هذا نقول بأنه في صورة الشك إن لوحظ في حكم الحاكم ـ وهو الشارع مثلا ـ حالة سابقة بمعنى أن الشارع لاحظ الحالة السابقة في حكمه والحالة السابقة دخل في حكمه فيكون المورد مجرى الاستصحاب ، لأنّ فيه لاحظ الحاكم الحالة السابقة ، لأنّه قال : «لا تنقض اليقين بالشك». وإن لم يلاحظ الحاكم في حكمه الحالة السابقة : فإن كان الشكّ في أصل التكليف فالمرجع هو البراءة ، وإن كان الشكّ في
__________________
١ ـ أقول : إنّ الإشكال الثالث الذي أورده سيدنا الاستاذ مدّ ظلّه على المحقّق الخراساني رحمهالله لا يرد عليه ؛ لأنّه ولو إحدى مقدمات دليل الانسداد هي عدم إمكان جريان الأصل في كلّ واقعة إلّا أنّ بعد تمامية المقدمات يكون الظنّ الانسدادي مقدما على الأصل ، ولذا لو ظنّ بحكم في موضوع لا مجال لجريان الأصل في هذا المورد ، فعلى هذا كلام المحقّق الخراساني رحمهالله في مقام التقسيم صحيح ؛ لأنّه قال بكون الأصل في طول الظنّ الانسدادي إذا تمّت مقدمات دليل الانسداد ، كما صرّح بذلك وقال : (وقد تمّت مقدمات الانسداد). (المؤلّف)