الاحتمال ، أو لا يمكن قصد التقرب ، بل يعتبر في قصد التقرب من الأمر المعلوم في البين؟ وحاصل الكلام أنّه في إمكان قصد التقرب يكون محتاجا الى أمر بالعمل ، أو لا يلزم ذلك ، بل لو يحتمل أمر بشيء يكفي في إتيانه بداعي التقرب الى الله تعالى؟ فإن كان الكلام في ذلك وكان الشيخ رحمهالله مراده أنّه لا يمكن قصد التقرب بصرف احتمال الأمر ، بل لا بدّ من الأمر المعلوم فليس كلامه في محله ، ويرد عليه ما أورده المحقّق الخراساني رحمهالله وآخرون ، لأنّه لا إشكال في إمكان قصد التقرب ولو باحتمال الأمر ، ولا يلزم من ذلك العلم بالأمر.
وتارة يكون الكلام في أنّ عبادية الفعل بما ذا تحصل؟ فهل يصير الشيء عبادة بصرف احتمال الأمر به ، أو لا يكون الأمر كذلك ، بل الشيء إمّا أن يكون عبادة واقعا ، أو لا ، سواء تعلق به الأمر ، أو لا؟ فصرف تعلق الأمر بالشيء لا يصير عبادة كما ترى في التزويج وقد أمر به في الشرع ، ولكن مع ذلك لا يكون من العبادات بالمعنى الأخص ، وإن كان موجبا للثواب لو تزوج متقربا الى الله ولكن لا يكون العمل عملا عباديا بمجرد ذلك. وأيضا كما ترى في التوصليات فصرف الأمر بها لا يكفي في عباديتها ، ولو أنّه لو أتى بها بداعي الأمر صار موجبا للثواب.
فظهر لك أنّ صرف احتمال الأمر لا يكفي في عبادية العمل ، نعم ، يكفي للجهة الاولى ، فعلى هذا لو كان كلام الشيخ رحمهالله ناظرا الى الجهة الثانية ـ أعني أنّ الفعل لا يصير عبادة بصرف احتمال الأمر ـ لا يرد عليه ما أوردوه عليه ، ولو تأمّلت في كلامه رحمهالله يظهر لك أنّ مراده كان الجهة الثانية.
فعلى هذا كون عبادية العمل في المقام ـ أعني فيما لو شكّ في الوجوب وغير الحرمة ـ مثلا اذا لم تدر بأنّه هل غسل اللحية في الوضوء يكون واجبا ، أو يكون مباحا ، أو مستحبا؟ يتوهّم أن يكون إمّا من جهة الانقياد ، وإمّا من جهة أوامر الاحتياط ، وإمّا من جهة أخبار من بلغ.