ولا يخفى عليك أنّ الثمرة في هذا النزاع تظهر في بعض الموارد ، كما في المثال المتقدم لو قلنا بأنّه لا بدّ وأن يقع المسح في الوضوء بماء وضوء عبادي ، فعلى هذا لو قلنا بأنّ غسل اللحية بأحد الوجوه المتقدمة إما من باب الانقياد ، وإمّا من باب أوامر الاحتياط ، وإمّا من باب أخبار من بلغ صار عبادة ، فلو مسح بماء الوضوء الموجود على لحيته فقد أتى بالمسح الواجب ، وإلّا فلا.
وعلى هذا نقول : إنّ كون العمل عباديا لا يمكن القول به لصرف الانقياد ، وإنّ بهذا العمل يحصل الانقياد ، لأنّه ولو كان العبد الذي أتى بالفعل باحتمال كونه مطلوبا للمولى مطيعا ومنقادا ، وإنه ولو قلنا في باب التجري بعدم العقاب على المتجري ولكن فيما أتى بالفعل باحتمال كونه مطلوبا للمولى يثاب عليه ثواب الانقياد ، إلّا أنّه كما قلنا في التجري لا يوجب التجري قبح الفعل فكذلك لا يوجب الانقياد حسنا في الفعل ، فلا يصير الفعل عبادة ولو يثاب العبد بانقياده ، وصرف مقارنة العمل مع الانقياد وحصول الانقياد به لا يوجب أن يكون العمل عبادة ، فافهم.
وكذلك لا يمكن القول بعبادية الفعل لأجل أوامر الاحتياط ، سواء قلنا بكون أوامر الاحتياط إرشاديّة كما هو ظاهر جلّ أخبارها ، أو قلنا بكون أوامر الاحتياط كما يستفاد من بعض أخبارها مولويّة.
أمّا على القول بكون أوامرها إرشاديّة فلأنّ معنى إرشاديتها هو أنّ الإتيان بالعمل يوجب الثواب في صورة الإصابة مع الواقع ، وفي صورة الخطأ ليس بشيء ، فعلى هذا لا يثبت الأمر الإرشادي إلّا الإرشاد الى الواقع ، لا عبادية العمل ، فيكون تابعا لما يرشد اليه ، فإن كان الفعل عبادة قبل هذا الأمر فهو ، وإلّا فالأمر الإرشاديّ غير واف لإثبات عبادية العمل ، فلو كان أمر نفس العمل عباديا فيكون العمل عباديا ، وإلّا فلا ، وأمر نفسه مع قطع النظر عن أوامر الاحتياط أيضا لا يوجب كون