المشتبه مجال له ، فعلى هذا لا بدّ من ترك الأطراف بحكم العقل ، لأنّه لو ارتكب الأطراف يقطع بمخالفة المعلوم ويكون هذا محال ، ولو ارتكب أحد الأطراف أيضا يكون مخالفا لحكم العقل ، وليس للشارع أيضا الترخيص للمناقضة.
وأيضا ما قال من أنّه لو كان الحكم بحيث لو علم به تفصيلا لتنجّز فلا يكون العلم الإجمالي منجّزا فنقول :
أمّا أولا فلأنّه كما قلنا سابقا : لو فرض مورد يكون شرطا الفعلية العلم التفصيلي فهذا خارج عن محلّ الكلام ، لأنّ الكلام فيما كان مراتب الحكم تماما والعلم يكون شرطا للتنجز.
وأمّا ثانيا فإنّ إناء زيد يكون معلوما تفصيلا فلا بدّ من إطاعته ، والأطراف وإن كانت مشكوكة إلّا أنّه لا كلام لنا فيها ، واذا كان إناء زيد معلوما تفصيلا فيحكم العقل بإطاعته بهذا النحو ، يعني بترك جميع الأطراف ، فافهم. فظهر لك أنّه لا يمكن للشرع الترخيص بحيث ينافي الواقع المعلوم ، إجماليا كان أو تفصيليّا.
إنّما الكلام بعد ما يكون في مقامين :
المقام الأول : في أصل ثبوت التكليف ، وقلنا في هذا المقام بعدم الفرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي ، وأنّه لا يمكن للشارع الترخيص في طرف أو الأطراف في هذا المقام ؛ للتناقض قطعا أو لاحتماله.
وأمّا المقام الثاني : فهو أنّه بعد ثبوت التكليف والواقع بالعلم فحيث تكون كيفية الاطاعة وأصل الإطاعة بيد العقل ، وقلنا بأنّ العقل مستقل بترك الأطراف بعنوان المقدمية لإطاعة الواقع المعلوم فلا يخفى عليك أنّه مع عدم حكم الشرع يكون العقل مستقلا بالاجتناب عن الأطراف من باب المقدمة.