الموضوعي الطريقي من أنّ في هذه صورة اخذ العلم طريقا ليس نظرا بالعلم أصلا بل النظر يكون الى الواقع فقط ، لأنّ نسبة العلم الى المعلوم نسبة المرآة مع ما يرتسم فيه ، فكما أنّ من ينظر في المرآة يكون تمام نظره بالصورة المرتسمة فيه كذلك في العلم الطريقي بعد كونه طريقا يكون النظر بالمعلوم والواقع ولا نظر بالعلم أصلا ، وفي صورة أخذ العلم موضوعا بعد كونه موضوعا يكون تمام النظر به مستقلا اذا كان العلم تمام الموضوع ، وبه وبالواقع إذا كان جزء الموضوع.
وعلى أيّ حال ففي كلتا الصورتين يكون العلم مورد النظر ، ففي الصورة الطريقية آلي ، وفي الصورة الموضوعية استقلالي ، فدليل تنزيل الأمارات منزلة العلم إن كان تنزيله في كلتا الجهتين فيوجب اجتماع اللحاظين ، وهذا محال ، وإن كان متكفّلا لأحدهما فلا بدّ أن يكون متكفّلا لحيث الطريقية لا لحيث الموضوعية ، وأنتم أيضا لا تلتزمون بكون التنزيل في حيث موضوعية العلم لا لحيث الطريقية ، فدليل التنزيل متكفّل لتنزيل الأمارات منزلة العلم في حيث الطريقية ، فقيامها مقام العلم في حيث الموضوعية يحتاج الى تنزيل آخر ودليل آخر ، ولا يمكن تكفّل دليل واحد لكلّ من الجهتين ؛ لعدم إمكان اجتماع اللحاظين : لحاظ الآلية لحيث قيامها مقام العلم الطريقي ، ولحاظ الاستقلالية لحيث قيامها مقام العلم الموضوعي. وأضف الى ذلك أنّه لا بدّ في التنزيل أن يكون باعتبار الأثر ، بمعنى أن تنزيل الطرق منزلة العلم يكون باعتبار ترتب الآثار على ذلك ، فلا بدّ من أن يكون الأثر ملحوظا ، فبعد ذلك الأثر هو الواقع ، ففي العلم الطريقي يكون الأثر مترتبا على الواقع ، وفي الموضوعي على العلم إذا كان تمام الموضوع ، وعلى العلم والواقع اذا كان العلم جزء الموضوع ، ففي تنزيل الامارة منزلة العلم الطريقي الملحوظ هو الواقع ، وفي قيامها منزلة العلم الموضوعي يكون الملحوظ هو العلم ملازم ذلك اجتماع اللحاظين فدليل الواحد غير قابل لتنزيلين.
يظهر لك فساده مما قلنا ؛ لأنّا قلنا بأنّ المجعول في باب الطرق والأمارات ليس