القول بكون المجعول هو المؤدّى مع حيث كشفها لكون اعتبارها في طول الواقع وبعد كون حيث الكشف ملحوظا فباعتبار كشفها يقوم مقام كاشفية العلم ، ولا يلزم اجتماع اللحاظين على هذا ، لما قلنا من أنّ الملحوظ أمر واحد ، وهو المؤدّى لكن باعتبار كشفها عن الواقع ، فبعد شمول التنزيل بهذا الحيث يكون لكلّ أثر كشف يترتّب على المجعول.
نعم ، لو كان مورد الأثر مترتبا على نفس العلم الموضوعي لا الواقعي أو هو والواقع يكون هذا الكلام غير تام ، ولا يمكن الالتزام بكون المؤدّى المنكشف قائما مقام هذا العلم ، لأنّه قام مقام الواقع لا العلم فيصح هذا الكلام ، ولكن هذا قلّما يتفق في العلم الذي اخذ جزء الموضوع على وجه الطريقية.
وعلى أيّ حال على مختارنا من أنّ المجعول نفس الطريق لا إشكال في قيام الطرق مقام العلم الطريقي والموضوعي الطريقي ، سواء كان العلم جزء الموضوع أو تمام الموضوع.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني رحمهالله تصدّى لتصحيح قيام الأمارات مقام العلم الموضوعي بدعوى الملازمة العرفية ، وأنّ العرف يحكمون بالملازمة ولو كان المجعول هو المؤدّى ، ولا يلزم اجتماع اللحاظين.
بيانه : أنّ بعد تعلّق الجعل بالمؤدّى وتنزيله منزلة الواقع فتأثيره لا يمكن إلّا باعتبار جزء آخر وهو حيث الكشف لأن يجعل المؤدّى يقوم مقام الواقع ، فيرتب عليها أثر الواقع ، وأمّا أثر جزء آخر ـ يعني أثر العلم ـ موقوف على تعلّق الجعل بالطريق أيضا فالعرف في هذا المقام يحكم بالملازمة بين جعل المؤدى وجعل الطريق حتى يترتب الأثر ، ولا يلزم اجتماع اللحاظين على هذا ؛ لأنّ أحد التنزيلين يعني تنزيل المؤدى منزلة الواقع ثبت بالمطابقة وبجعل مطابقي وهو دليل الجعل ، والآخر وهو تنزيل الطريق منزلة العلم ثبت بالملازمة وبتبع جعل الأول فلا يجتمع اللحاظين ؛ لأنّ اللازم ليس محتاجا بالجعل بل هو مجعول بالتبع وبدلالة الالتزام.