واعلم أنّ هذا الكلام لو صحّ يصحّ في الصورة التي كانت هي الأثر للعلم والواقع ، يعني يكون العلم مأخوذا بعنوان جزء الموضوع.
وأما اذا كان العلم مأخوذا بعنوان تمام الموضوع فليس لهذا التوجيه مجال إلّا أن يكون أثرا آخر للواقع أيضا في هذه الصورة غير أثر العلم ، ولكن يكون هذا الكلام في غير محله ويكون موردا للإشكال.
فالذي أورده المحقق رحمهالله نفسه هذا الإيراد عليه هو لزوم الدور ؛ لأنّه بعد كون أثر المترتّب على المؤدّى موقوفا على أثر المترتب على الطريق فيكون عكسه أيضا كذلك ، فإنّ أثر المترتّب على الطريق أيضا موقوف على أثر المترتّب على المؤدى فيلزم الدور ؛ لأنّ التوقّف على هذا يكون من الطرفين.
ولكن يرد على هذا الكلام إيراد أيضا ، وهو : أنّه مع كونه دليلا على فساد أصل التوجيه كذلك يكون دليلا على فساد ما أورده على التوجيه من بيان الدور.
فنقول بعونه تعالى : الأثر الذي لا بد من كونه في كل شيء حتى يكون باعتباره قابلا للجعل والتنزيل ليس هو الأثر الفعلي ، بل يكفي قابلية ترتب الأثر ولو تعليقا ولو لم يكن فعليا كما ترى في اعتبار كل شيء ، فالسورة معتبرة في الصلاة ويترتب عليها أثر في حصول معراج المؤمن مثلا ، ولا إشكال في أنّ هذا الأثر ترتب على السورة اذا انضمّ اليها سائر الأجزاء والشرائط ، ولكن مع ذلك يترتب الأثر عليها ولو لم يجد سائر الأجزاء ، ويكفي في كونها ذات أثر بهذا المقدار.
وكذلك في كل شيء ذي أثر مثلا في هذه السورة لو شككت بعد الدخول في الركوع بأنّه هل أتيت به أم لا؟ فتجري قائدة التجاوز ، والحال أنّ السورة بنفسها لا أثر لها إلّا بعد الصلاة والإتيان بكلّ ما اعتبر في الصلاة ، ولكن أنت لا تصبر حتى تمض صلاتك ، ثمّ تجري قاعدة التجاوز ، بل تجري في حال الركوع الذي هو حال الشك هذه القاعدة.
والسرّ في ذلك : هو عدم لزوم أثره الفعلي في تنزيل شيء أو تعلق الجعل