من هذا العلم باللازم علم آخر بالملزوم ، والعلم حجة من أيّ سبب حصل فالعلم يحصل باللازم بواسطة العلم بالملزوم ويثبت لا لأجل الواقع.
وأمّا في مورد الأمارة فحيث إنّه ليس كالعلم فما يثبت هو الواقع الذي قامت عليه الأمارة ، وأمّا الملزوم الدالّ عليه الأمارة فلا يثبت ؛ لأنّه لا دليل على حجية الأمارة في هذا الوجه.
وبعبارة اخرى : أن الواقع الحقيقي يلازم واقعية ملازمة ، وكذا العلم بالواقع لازمه العلم بما يلازم العلم بالواقع ، ولا يلازم العلم بالواقع مع العلم بما يلازم واقع هذا الشيء ؛ لاحتمال عدم إصابة علمه ، فكذلك في الطرق فالواقع الثابت بالطريق يلازم لازم الواقع الطريقي ، لا أصل الواقع ، فالدليل دالّ على حجية الطريق ، وأمّا على حجية ما يتولّد من هذا الطريق فلا ؛ لأنّ الملازمة بين واقع الشيء ولازمه وملزومه ، وأمّا بين الواقع الطريقي ولازم الواقع الحقيقي فلا تلازم أصلا ، فافهم ، وحاصل الجواب هو ما قلناه في الحاشية.
الوجه الثالث : وهو أنّ دليل الأمارات يكون له الإطلاق فيشمل لمثبتاتها ، بخلاف دليل الاصول فليس له الإطلاق.
وفيه : أنّ هذا ممنوع ، وليس الأمر مطلقا كذلك ، بل يتّفق في بعض الأمارات عدم إطلاق لدليله ، وكذا يتّفق في بعض الاصول أنّ لدليله الإطلاق ، فليس الأمر كما توهّم. فبهذه الوجوه لم يظهر الفرق بين الأمارات والاصول.
والذي ينبغي أن يقال في هذا المقام ولعل هذا يكون أيضا مراد المحقّق الخراساني رحمهالله هو : أنّ ما يكون في البين تارة هو مقام الحكاية ، وتارة مقام الدلالة.
أمّا مقام الحكاية والإخبار فمن الواضح أنّه لا يمكن أن يكون الشيء إخبارا عن المخبر إلّا مع توجّه المخبر وإخباره به وحكايته عنه ، وأمّا لو لم يكن حاكيا ومخبرا عنه فلا يعدّ حكاية وإخبارا.