الامور المركّبة ، مثل أن تكون الأولية مركّبة من الوجود الكذائي والعدم الكذائي فللاستصحاب مجال ، ويثبت به جزء من هذا المركّب ، والآخر محرز. وأمّا لو كانت من الامور الانتزاعية ولها منشأ انتزاع فليس الاستصحاب مثبتا له ، فمثلا أول شهر شوّال ، فاستصحاب عدم دخول هلال شهر شوّال لا يثبت كون الغد أول شهر شوال منتزعا من اليوم الذي لم يتحقق مثله ، والأصل الجاري لا يثبت هذه الأولية.
وللنائيني رحمهالله هنا كلام ، وهو : أنّ موضوع الأحكام الخاصة مثلا في أول الشهر أو الثاني الى آخره هو اليوم الذي وقع فيه رؤية الهلال في ليلته فعلى هذا بعد عدم رؤية الهلال لم يتحقّق هذا الموضوع ، وبرؤيته يتحقق هذا الموضوع ، فيكون الموضوع محرزا حقيقة ، فيكون هذا موضوع الحكم واقعا.
وفيه : أنّ هذا الكلام وإن كان لظاهره وجه حسن ولكن بالدقة يظهر لك عدم إمكان الالتزام به ؛ لتواليه الفاسدة ، فمثلا لو نذر أحد بأن يعطي درهما في أول الشهر ، فلو أعطى ثم انكشف عدمه فلا بدّ من الالتزام بالكفاية ، والحال عدم الالتزام به ، وهكذا لو كان هذا الكلام تماما ، فلو أنّه لو ثبت له من هذا أول اليوم وهكذا الى اليوم التاسع من شهر ذي الحجة فعمل بالوظائف الخاصّة بهذا اليوم وهو في الحجّ فانكشف خلافه فهل يلتزم بصحة أعماله؟ فظهر لك فساد هذا الكلام ، فافهم.
والتحقيق أن يقال : إنّ ما ورد في باب شهر رمضان وشوّال من قوله : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» في الرواية ورد نظيره في شهر ذي الحجة أيضا ، ويستفاد من هذا الكلام أنّ موضوع الصوم هو الرؤية ، وكذا الإفطار فهذا طريق لشهر رمضان وشوال ، فجعل الشارع رؤية الهلال طريقا ، ومن الواضح أنّ رؤية الهلال ليس طريقا لخصوص الصوم والإفطار ، بل هو طريق لكلّ حكم يكون لهذا اليوم ، ووجوب الصوم والإفطار أيضا يكون لأجل كونه أول الشهر أو آخره ، فالطريق الى الأول والآخر هو الرؤية ، واذا ثبت الأول بالرؤية يثبت الثاني أيضا ، وهذا