وقسم منها يكون فيه جهة كشف ونظر الى الواقع ، ولوحظ فيه إحراز الواقع ، ولذا يقال : بأنّها اصول محرزة ، كالاستصحاب ، وقاعدة التجاوز ، وقاعدة الفراغ ، فهذا القسم لا إشكال فيه في قيامها مقام العلم الطريقي الصرف والعلم الموضوعي الطريقي.
فنتكلم في الاستصحاب ، لأنّ بعد معلومية الأمر فيه يعرف الحكم في غيره من الاصول المحرزة ، فنقول : أمّا الاستصحاب فعلى مختارنا من أنّ بعد كون التنزيل تارة فعل نفس الشارع مثل تنزيله خبر الواحد منزلة العلم ، وتارة يأمر المكلف بالتنزيل بأن نزّل الشيء الفلاني منزلة الشيء الكذائي يكون الأمر في الاستصحاب كذلك ، فإنّ مقتضى أدلة الاستصحاب مثل قوله : «لا تنقض اليقين بالشك» هو أمر الشارع المكلف بأن نزّل الشك منزلة اليقين ، فعلى هذا بعد أمره بهذا التنزيل فيكون معناه أنّ الشك بمنزلة اليقين ، فبعد تنزيله منزلة اليقين يصير الشك كاليقين ، فكلّ أثر يكون لليقين يترتب عليه ، لأنّه بالأمر بالتنزيل صار كاليقين فيترتب عليه أثر اليقين ، وهذا على جعل نفس الاستصحاب أو الشك منزلة اليقين واضح.
وأمّا على كون حقيقة الاستصحاب تنزيل المستصحب والمشكوك منزلة المتيقن فيكون كجعل المؤدّى في الطرق ، ففي هذه الصورة يشكل الأمر ؛ لأنّ المستصحب صار منزلة المتيقن فيترتب على المشكوك والمستصحب أثر المتيقن ، وهذا سليم عن الإشكال في قيام الاستصحاب منزلة العلم الطريقي ، لأنّ في العلم الطريقي الأثر مترتب على الواقع والمعلوم والمتيقن ، فالمستصحب أيضا على كونه هو المجعول يصير منزلة المتيقن والمعلوم ، وأمّا قيامه مقام العلم الموضوعي الطريقي سواء كان العلم تمام الموضوع أو جزء الموضوع يصير على هذا مورد الإشكال ؛ لأنّ في العلم الموضوعي الطريقي الذي يكون العلم تمام الموضوع لا أثر للمتيقن والمعلوم والواقع أصلا ، والمستصحب نزّل منزلة المتيقن لا العلم ، فأثر العلم لا يترتب عليه ، وكذا في جزء الموضوع أيضا بعد كون العلم جزء الموضوع لا يكون الأثر لخصوص