الاستصحاب مع سائر الاصول.
وأمّا حال تعارض الاستصحابين وأنّه ما التكليف فيما لو تعارضا؟ فنقول بعون الله تعالى : إنّ الاستصحابين المتعارضين : إمّا أن يكون أحد منهما مسبّبا عن الآخر فيكون أحدهما سببا والآخر مسبّبا ، وإمّا أن لا يكون كذلك ، بل يكون كلّ منهما مسببا عن سبب ثالث.
أمّا لو كان أحدهما سببا للآخر والآخر شكه مسبّب عنه فالأصل يجري في السبب ويرفع موضوع المسبب ، ويكون الأصل في السبب واردا على المسبّب ، مثلا لو كان ماء قبلا طاهرا ثم بعد ذلك شك في طهارته وغسل بهذا الماء ثوب فاستصحاب طهارة الماء متعارض بحسب الظاهر مع استصحاب نجاسة الثوب ؛ لأنّ أثر طهارة الماء طهارة ثوب المغسول به ، فجريان الأصل في السبب ـ أعني الماء ـ يرفع موضوع المسبّب ، فبعد جريان استصحاب طهارة الماء يرتفع موضوع الشك الثاني ، أعني الشك في بقاء نجاسة الثوب.
بيانه توضيحا هو : أنّ في مورد اليقين لو تيقن بشيء وتيقن بشيء آخر ، ففي المثال السابق لو شك في طهارة الثوب المغسول بالماء المشكوك طهارته ، لو تيقن بطهارة الماء يتيقن بواسطة هذا اليقين بطهارة الثوب أيضا مسلّما لو تيقن ببقاء نجاسة الثوب المغسول به يتيقن بنجاسة الماء بالملازمة ، وكذلك لو قامت الأمارة على طهارة الماء فهو متيقن بطهارة الثوب ، وبالعكس بالملازمة ، وأمّا في الأصل فلو جرى الأصل في طهارة الماء يوجب الاستصحاب في طهارة الماء طهارة الثّوب المغسول به ، لأنّ هذا أثره الشرعي ، فإنّ من الآثار الشرعية لطهارة الماء طهارة الثوب المغسول به ، وأمّا استصحاب نجاسة الثوب لا يثبت بنجاسة الماء ، لعدم إثبات الملازمة في الأصل ، فعلى هذا بجريان الأصل في السبب يرتفع موضوع الشك في