المسبّب وهو نجاسة الثوب ، ولا عكس ، يعني باستصحاب نجاسة الثوب لا يرتفع الشك في السبب ، ولا يوجب نجاسة الماء ؛ لما قلنا من عدم إثبات اللازم بالأصل ، فبجريان الأصل في السبب يرتفع الشك عن المسبّب ، ولا نحتاج الى إثبات ذلك الى بعض الوجوه التي نقلها الشيخ رحمهالله ، بل يثبت ذلك بما قلنا.
ومن هنا يظهر لك أنّ ما قاله الشيخ رحمهالله من أنّ الأصل في السبب لو لم يكن مقدّما على الأصل في المسبّب يمكن أن لا يكون موردا لجريان الاستصحاب ، لأنّه في كلّ مورد اذا جرى الاستصحاب لترتب أثره ، فالأثر ان كان فيه استصحاب موافق فلا حاجة الى جريان الاستصحاب فيما يكون منشأ هذا الأثر ، وإن كان مخالفا فجريان الاستصحاب في الأثر يكون معارضا لجريان الاستصحاب في منشئه ، فلا يبقى مورد جريان للاستصحاب إلّا نادرا ، أو لا يوجد أصلا ، مثلا لو شك في وجوب إنفاق ولده لأجل الشك في حياته فلو استصحب حياته فمقتضاه وجوب الإنفاق ، ولكن على فرض جريان الأصل في المسبّب يمكن استصحاب عدم وجوب إنفاقه قبلا فيستصحب ويكون في محلّه ؛ لما قلنا من البيان في توجيه كلامه.
وأمّا لو لم يكن أحد الاستصحابين مسبّبا عن الآخر وتعارضا لجهة ، مثلا هذا الإناء كان سابقا طاهرا والآخر كذلك ، ثم علم إجمالا بنجاسة أحدهما فكلا الاستصحابين لا يجريان ؛ للزوم مخالفة العلم الإجمالي ، وجريان أحدهما فقط ترجيح بلا مرجّح فيتساقط كلّ منهما ، ولا يمكن الالتزام في ذلك ببعض المرجّحات التي تقول في الخبرين ، لأنّا نقول : إنّ مورد ذلك هو غير الاصول.
نعم ، لو أمكن جريان الاستصحابين كليهما بحيث لا يلزم مخالفة عملية فلا مانع من جريانهما ، مثلا لو كان ماء مشكوك النجاسة والطهارة فتوضّأ به فجريان استصحاب الحدث لو كان محدثا سابقا وجريان طهارة اليد لو كان طاهرا سابقا لا