وأمّا في التقليد الابتدائي فلا مجال لذلك ؛ لأنّه لم تجب عليه القراءة سابقا بمقتضى فتوى الميت حتى يستصحب هذا الوجوب. واعلم أيضا أنّه لو جرى الاستصحاب ففي الحكم الفرعي يكون أثره هو وجوب البقاء لا جواز البقاء ، لأنّ بعد جريان استصحاب الحكم وبقاء الحكم نحكم بالملازمة ببقاء التقليد ، فكما أنّه سابقا كان واجب التقليد كذلك يكون في الحال ، وكذلك في صورة إجراء الاستصحاب في المسألة الاصولية لو كان من مات ، كالعلّامة رحمهالله وكان في زمانه منحصرا بالفرد أو كان الأعلم في زمانه ، وبمقتضى الاستصحاب قلنا بتقليده يكون تقليده واجبا ، لأنّه على هذا التقدير كان واجب التقليد سابقا فببركة الاستصحاب يصير في الحال أيضا واجب التقليد.
اذا عرفت ذلك كلّه نقول : إنّا لا نتعرّض لبعض ما أورده في الكفاية المحقّق الخراساني رحمهالله من الإشكال على هذا الاستصحاب : من أنّ الموضوع لم يكن باقيا ، وجوابه بأنّ الموضوع وهو نفس الناطقة باق ، ولكن نقول على فرض بقاء الموضوع وعدم تبدّل الموضوع بعدم جريان الاستصحاب.
ولنقدم لإثبات عدم جريان الاستصحاب مقدمتين :
الأولى : أنّ من المسلّم في حجية فتوى المجتهد للمقلّد هو كون ما حصل له من الأحكام من الطرق المتعارفة المتداولة ، لأنّ ذلك القدر المتيقن ، ولذا قالوا بأنّ القطع الحاصل للمجتهد من الطرق غير العادية كالجفر والرمل ليس حجة للمقلد وإن كان حجّة لنفسه ، والسرّ في ذلك ليس إلّا ما قلنا من أنّ القدر المتيقن من حجية رأي المجتهد للمقلّد ليس إلّا الرأي الحاصل له من الطرق المتداولة ، لا من كلّ سبب وجهة ولو كانت من النوم ، فلو فرض أنّ مجتهدا يرى في نومه النبي صلىاللهعليهوآله ويسأل عنه صلىاللهعليهوآله الأحكام ويقطع بسبب ذلك النوم أنّ حكم مسألة الفلانية كذا وان كان ذلك القطع الحاصل من هذا الطريق حجة بالنسبة الى نفسه لكن لا يمكن للمقلّد الأتباع في هذا