الاعتبار فيرد الإشكال على الشيخ رحمهالله ؛ لأنّ الظنّ من حيث الحكم ليس مطلقا في مقابل الشكّ. وتارة يكون التقسيم لا باعتبار الحكم ، بل يكون النظر الى أنّ مجرّد التفات المكلّف الى الحكم مطلقا يحصل له هذه الصفات الثلاثة : إمّا القطع أو الظنّ أو الشكّ ، فلا يكون النظر على هذا الى أحكامها ، بل يكون الى نفس هذه الصفات.
فعلى هذا ولو كان بعض هذه الصفات من حيث الحكم متّحدا مع صفة اخرى إلّا أنّ في حدّ ذاته كلّا منها صفة في قبال الآخر فلا يلزم تداخل الأقسام على هذا ، وضرورة.
يكون الأمر كذلك ، إذ كلّ شخص بعد توجّهه لأمر إمّا أن يحصل له القطع ، أو الظنّ ، أو الشكّ ، ونظر الشيخ رحمهالله الى هذا.
إن قلت : لو كان المراد من التقسيم نفس هذه الصفات في حدّ ذاتها مع قطع النظر عن حكمها فلم لم يتعرّض للوهم؟ والحال أنّ الوهم أيضا صفة في قبال هذه الصفات ، وربّما يحصل للشخص الوهم ، فكان الحقّ على هذا أن يقول : إمّا أن يحصل له القطع ، أو الظنّ أو الشكّ ، أو الوهم.
نقول : بأنّ الوهم وإن كان هو احتمال المرجوح في مقابل الظنّ وهو كون الاحتمال في طرف أرجح من الآخر ، وفي قبال الشكّ وهو كون الاحتمال في الطرفين مساويا ، وفي قبال القطع وهو عدم احتمال الخلاف في الطرف الآخر ، إلّا أنّ مع ذلك لا يلزم جعله في هذا التقسيم قسما آخر في قبال القطع والظنّ والشكّ.
والسّرّ في ذلك : هو كون هذا التقسيم باعتبار ما يترتّب على هذه الصفات من الأحكام ، وبعد كون الوهم احتمال المرجوح في طرف وهو أضعف من الشكّ لكون الاحتمال في الطرفين مساويا يكون من حيث الحكم داخلا في الشكّ فلا يلزم ذكره مستقلا ، وهذا لا يتنافى مع ما قلنا في ردّ المحقّق الخراساني رحمهالله من عدم كون التقسيم بلحاظ الأحكام مرادنا ؛ لأنّه فعلا لم يكن الشيخ رحمهالله في مقام بيان حكم هذه