الماضية الفائتة فما دام لم يكن جرى عملي لا يمكن ان يقال حصلت التوبة بل هي نفس ـ الجري وإلّا فالالتزام بالاحكام بان يلتزم بوجوب شيء أو استحبابه لا يكون واجبا على العباد والحاصل لا يخفى ان جعل الثواب على الأعمال الصالحة والعقاب على الأعمال ـ القبيحة يكون لطفا في اللطف الّذي يكون هو أصل التكليف ولكن لا يكون جزافيا بل يكون لحصول استعداد في المكلف كما مر.
فإذا عرفت ذلك فنقول إتيان المقدمة لا بقصد التوصل إلى ذيها لا يتخذ منه عنوان إطاعة ولا انقياد فلا ثواب ولا عقاب في هذه الصورة واما مع قصد التوصل إلى ذي المقدمة فقال شيخنا العراقي قده وهو الحق يرى المكلف حين إتيانه بالمقدمة كأنه يمتثل امر ذي المقدمة ويمدحه العقلاء كذلك فان وصل إلى المطلوب بهذه المقدمة فهو وإلّا فيكون له ثواب الانقياد وكذلك ترك ما يوجب عدم القدرة على إتيان ذي المقدمة في وقتها يحسب بنظر العقلاء قبيحا.
وأشكل عليه بان الإيصال الّذي يكون موجبا لترتب الثواب يجب ان يكون متقدما حتى تحصل المصلحة وهو متأخر في الوجود عن وجود المقدمة فأجاب عنه قده بان المقدمة هي ذات الموصل لا قصد الإيصال ولكن امر المقدمة خال عن الثواب بنفسه واما العقاب فهو مترتب إذا التفت إلى انه يصل إلى ترك ذي المقدمة (١) واما المحقق
__________________
ـ إلى العمل بعد الندم إذا كان في وقت عدم حضور الموت فمن تاب قبل حضوره ولم يقدر على إتيان ما قضى عنه مات تائبا في ما كان من حقوق الله تعالى لا حقوق الناس واما التوبة عند حضور الموت فهي قد دل الدليل على عدم كفايتها بقوله تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت وقوله تعالى في حق الفرعون عند الغرق الآن وقد عصيت قبل فالتوبة في حين كون الإنسان يرى نفسه في عالم الآخرة لا تفيد واما قبله فتكون هي الندامة.
(١) ولا يخفى انه لو كان للتجري عقاب يكون هذا من مصاديقه وان لم يكن الا القبح العقلي فلا عقاب.