المقدمة الثالثة
قد مر تنويع الأبواب والمقاصد إلى ثلاثة والثالث منها هو المقصد الذي يكون في الشك وهنا تقسيم آخر عقلي في مجاري الشك فان الشاك في الحكم الواقعي لا يخرج عن أربعة أحوال بحصر عقلي لأن الجاعل للوظيفة اما ان يلاحظ الحالة السابقة كما هو التحقيق في جعله ولا فرق في الشاك في الحكم مثل من شك في وجوب صلاة الجمعة بعد ما كان واجبا لاحتماله إقامتها في أقل من فرسخ أو موضوع ذي حكم مثل من شك في الوضوء الكائن قبل الشك ويقال للحكم الملاحظ فيه الحالة السابقة الاستصحاب ولا يخفى انه يعتبر فيه شيئان الحالة السابقة ولحاظها في مقام الجعل بقوله لا تنقض اليقين بالشك واما لا يعلم الحالة السابقة ولا يعلم جنس التكليف أيضا فيصير ذا شبهة بدوية مثل الشك في نجاسة عرق الجنب من الحرام ومع عدم علم إجمالي في البين فيكون مجرى البراءة بقوله رفع ما لا يعلمون وقبح العقاب بلا بيان وغيرهما.
واما لا يعلم الحالة السابقة ولكن يعلم جنس التكليف إجمالا ففي هذه الصورة اما ان يمكن الاحتياط أو لا مثل العلم بنجاسة أحد الإناءين اما الأحمر أو الأبيض فيكون مجرى الاحتياط لإمكانه واما ان لا يمكن الاحتياط مع العلم بجنس التكليف مثل الشك في حرمة صلاة الجمعة ووجوبها فيدور الأمر بين المحذورين فيكون مورد التخيير ويكون موضوعا لأصله وأطوار وجود الشاك لا يكون خارجا مما ذكر وقد أورد هنا أيضا إشكالات وهي ان هذه التعاريف يتداخل بعضها في بعض فالأوّل مثل مجرى الاستصحاب كان موضوعه العلم بالحالة السابقة ففي الشك في المقتضى مثل ما إذا كان الحيوان موجودا في الدار ولا يدرى انه فيل حتى يبقى أو بق حتى لا يكون بعد ثلاثة أيام باقيا يجري البراءة مع وجود الحالة السابقة.
والجواب عن هذا واضح لأنا اعتبرنا في موضوع الاستصحاب امرين الأول الحالة السابقة والثاني لحاظها وهنا وان كانت الحالة السابقة موجودة ولكن لا تلاحظ