فلا يجري الاستصحاب لذلك وعبارات الشيخ مختلفة ففي بعضها ذكر الحالة السابقة وفي بعضها لم يذكر.
الثاني. قلتم ان من موارد الاحتياط ما إذا كان علم إجمالي ويمكن الاحتياط ففي ما إذا وجد أمارة لتعيين أحد طرفي علم الإجمالي كيف تحكمون بعدم الاحتياط وجوابه أيضا واضح لأن الأمارة ترفع موضوع الأصل والأصل أصل حيث لا دليل الثالث : وهو ان أحد الأصول هو أصالة التخيير التي كانت في الصورة الرابعة من الحصر ومرجعها إلى البراءة لأن المخير اما ان يفعل واما ان لا يفعل فلا حكم له فهو مثل من يجري البراءة والعلم الإجمالي يسقط عن درجة الاعتبار وقبح العقاب بلا بيان يجري في كلا طرفيه مثل من شك في حرمة صلاة الجمعة فان قبح العقاب بلا بيان جار في الطرفين.
والجواب عنه ان البراءة العقلية في هذه الصورة غير معقولة لأن البيان في الرتبة المتقدمة موجود والعلم الإجمالي في المورد لما كان ترجيح أحد طرفيه بلا مرجح وان الاحتياط غير ممكن فالعقل يحكم بالتخيير والحاصل ان العقل يسقط العلم الإجمالي عن درجة الاعتبار ويكون بيانا.
ثم اعلم ان الأقوال قد اختلف في انه هل يكون للعقل حكم وراء الدرك أم لا فان الشيخ والخراسانيّ (قدهما) على الأول وهو التحقيق وجماعة من الفلاسفة وبعض الأصوليين تبعا لهم على الثاني وحاصل البيان للأول هو ان العقل في المرتبة الأولى يتصور الحكم أي امر المولى ويتصور ثانيا مملوية المصلحة في الإتيان فيحكم بوجوبه وكذا إذا كان الحكم نهيا مولويا يتصور كذلك فيحكم بالزجر عنه ثم في مقام الامتثال اما ان يمتثل أو لا كما ان الموالي أيضا يفعلون كذلك أي يتصورون المصلحة التامة أو المفسدة التامة في العمل ثم يأمرون أو ينهون والمكلف في مقام العمل اما ان يتمثل أو لا ولذا نقول الحكم بوجوب إطاعة المولى لا يكون إلّا من العقل فإن المولى ان امر أو نهى لا دليل على وجوب متابعته الا حكم العقل وما ورد من قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول : ليس إلّا إرشاديا محضا ولو فرضنا