الأمر الرابع في الجهة الأصولية من بحث اختلاف القراءات فان البحث إلى هنا كان في أصل اختلاف القراءة من حيث انه هل يكون متواترا أم لا وقد حققنا عدم الاختلاف وأن القرآن ما هو الدارج المكتوب الموجود بأيدينا ومن هنا يكون بعد فرض إثبات اختلافها من حيث أن القراءتين مثلا إذا تعارضتا كما في يطهرن (١) بدون التشديد ويطهرن معه من حيث ان مفاد أحدهما وجوب الغسل للوطء ومفاد الآخر عدم وجوبه فهل يكون مثل تعارض الاخبار فيلاحظ المرجحات التي عدت في باب التعارض هنا أيضا غير المرجحات السندية لأن التواتر يمنع عن الكلام في السند أم لا وحيث تكونان متساويتين في الدلالة فلازمه التساقط فيه خلاف.
فقيل بأنهما مثل الروايتين من باب أن القرآن أيضا حجة وأدلة العلاج تشملهما بعمومها والشاهد أيضا خبر زرارة عن كتاب فضل القرآن ان القرآن واحد نزل من عند واحد ولكن الاختلاف من قبل الرّواة بتقريب ان القرآن بعد النقل يكون كالرواية فعند التعارض مقتضى الأصل الأولى التساقط ومقتضى الأصل الثانوي هو التخيير في الأخذ بأحدهما.
وقيل كما عن الخراسانيّ (قده) ان لسان دليل العلاج يكون في الخبرين بقوله إذا جاءكم الخبران المتعارضان إلخ.
واما ما جاء عن الله تبارك وتعالى فلا يصدق عليه الخبر كذلك وقد يجاب عنه بأن المراد بالخبرين هو وصول حجتين وما وصل من الكتاب أيضا حجة فتشمله أدلة علاج الحجج عند التعارض فعليه بعد التعارض والتساقط (١) يرجع إلى عام
__________________
(١) الدليل الوارد في الخبرين بالنسبة إلى ما ذكر فيه من المرجحات يمكن ادعاء انصرافه عن الآيتين مع ما في القرآن العزيز من قوله تعالى (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) «سورة النساء آية ٨٤» فانه لا اختلاف في القرآن عند التحقيق وآية يطهرن بدون التشديد أو معه يكون الدليل على عدم كونها مع التشديد من الروايات في باب الحيض موجودا فلا تصل النوبة إلى التعارض.
(١) سورة البقرة آية ٢٢٢.