الظن لا يغنى من الحق شيئا بمقتضى الآية الثانية يحرم اتباع الخبر الواحد.
وقد أجابوا عنها بان الروايات الدالة على حجيته يكون واردا على الآيات ولكن هذا التعبير غير صحيح على المتدبر فان الورود في الواقع يكون في صورة عدم الموضوع للدليل المورود وفي المقام لا يسقط الظن عن كونه ظنا بواسطة دليل حجيته فالأولى هو التعبير بالحكومة ولكن التعبير بها أيضا يحتاج إلى إثبات نظر الحاكم إلى المحكوم وان يكون مفاد أدلة الحجية هو تتميم الكشف كما هو التحقيق من مسلك العلمين النائيني قده والعراقي قده فان مفادها هو ان الظن علم فلا يكون متابعته متابعة الظن تنزيلا لا واقعا.
واما على مسلك الشيخ الأنصاري قده القائل بتنزيل المؤدى ومسلك الخراسانيّ قده القائل بجعل الحجية فالتعبير بالحكومة أيضا غير صحيح وهما (قدهما) كانا ملتفتين لمسلكهما ولذا لم يكونا قائلين بالحكومة بل قالا بأن دليل حجيته يكون مخصصا للآيات.
وأضف إلى ذلك أن الآية تدل على ان الظن لا يكون له الأثر بقوله تعالى ان الظن لا يغنى من الحق شيئا فهو لا اقتضاء وأدلة حجية الخبر الواحد يكون لها اقتضاء الحجية فتقدم الثانية على الأولى فلا معارضة بين المقتضى واللااقتضاء ولو سلم التعارض أيضا فأدلة الحجية أظهر.
فان قلت هذا يكون صحيحا في صورة كون الدليل نقليا وهو الروايات ولكن العمدة هي بناء العقلاء في حجية خبر الواحد وهو يتم في صورة عدم الردع عنه والروايات رادعة عنه فلا يتم حجيته.
أقول لا يخفى عليكم الخلط في الكلمات بين السيرة المتشرعية على الحجية وبين بناء العقلاء فان الأولى تكون كالدليل النقليّ لأنها لكشفها عن رأي الإمام عليهالسلام يكون حجة قطعية ولا يمكن ان يرفع اليد بظهور الآية بل إذا دار الأمر بين رفع اليد عن ظهورها أو السيرة يرفع اليد عن الظهور بالدليل القطعي واما إذا كان الدليل بناء العقلاء فيمكن ان يكون له رادع.