ثم انه قد أشكل على الاستدلال بهذه الاخبار من جهة أنها اخبار آحاد ولا يمكن إثبات حجيتها بها إلّا بنحو الدور لأن حجية خبر الواحد تتوقف على حجية خبر الواحد وقد أجيب عن الإشكال بأن هذه الاخبار الدالة على الحجية وان لم تكن متواترة لا لفظا (١) ولا معنى (٢) إلّا انها متواترة إجمالا بحيث نعلم صدور بعض هذه في الجملة قطعا.
وعليه فيجب ان يؤخذ بأخصها مضمونا وهو ما دل على حجية خبر العادل ولكن حيث نعلم بان المدار على الوثوق فيثبت المطلوب بان كل خبر كان ثقة حجة بل يمكن ان يدعى ان غير ما كان في خصوص العادل أيضا فيه التواتر الإجمالي فيدل بنفسه على حجية خبر الثقة ولو لم يكن عادلا.
وفيه ان التواتر الإجمالي لا أساس له فان صدور اخبار لا يكون الاتحاد في اللفظ ولا في المعنى كيف يمكن القطع به فان كل واحد منها اخبار آحاد في موضوع وضم غير الحجة بغير الحجة لا يفيد القطع ما لم يرجع إلى الاتحاد في المعنى أو اللفظ ولكن يمكن ان يكون مرادهم هو التواتر المعنوي لأن المتفاهم من جميع هذه الاخبار حجية خبر الموثوق في موارد متعددة فتكون متحدة في المعنى مع ان بعضها يكون محفوفا بقرائن يفيد القطع بالصدور.
لا يقال أن المستفاد منها هو الوثوق المخبري فانه معنى قوله فلان ثقتي فلا تشمل الوثوق الخبري مثل الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة. لأنا نقول اللازم هو الوثوق بالخبر وهو تارة يحصل بواسطة الوثوق بالمخبر وتارة بالوثوق بالخبر مضافا إلى أن بناء العقلاء يكون في الأعم منه.
فتحصل أن دلالة الاخبار أيضا على حجية الخبر الواحد تامة لا إشكال فيها.
__________________
(١) مثل حديث الثقلين.
(٢) مثل شجاعة أمير المؤمنين عليهالسلام.