يدعى أن التبادر كاشف عن الوضع فيشكل الأمر حينئذ.
الأمر الثاني ان فقرات الحديث الشريف لا تكون متساوية الإقدام من حيث العلية للرفع وعدمها ففي أربعة فقرات منه وهو ما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه يكون العناوين الأربعة الجهل وعدم الطاقة والاضطرار والإكراه علة لرفع الشارع الحكم عنهم بوجوده التكويني والثلاثة من الفقرات وهي الحسد والوسوسة والطيرة لا تكون كذلك بل بالعكس فان هذه العناوين علة لإثبات الحكم فان الحسد علة لوجود الحرمة وكذلك أخواه فيكون بين الطائفتين من الفقرات تمام المقابلة فيكون بعضها علة الإثبات وبعضها علة لرفع فكيف استعمل الرفع فيهما.
والخطأ والنسيان في الفقرتين الأخريين لا يكونان مرفوعين أصلا بل ما هو المرفوع أثر المخطئ والمنسي فانه ربما يكون الأثر على الخطاء والسهو مثل وجوب الدية على القتل الخطئي وضمان الشيء وان أتلفه أو أضرّ به خطاء ومثل وجوب سجدة السهو في الصلاة إذا نسي بعض الاجزاء فلا يكون حكم الخطاء والسهو مرفوعا مطلقا فما يكون أثر نفس الخطاء لا يكاد يرفع بواسطة الخطاء وكذلك النسيان ولذا يقال في الطلاق عن خطاء أن المرفوع هو أثر الطلاق وهو المخطي.
لا يقال لا يصح اسناد الرفع إلى الخطاء والنسيان مع أن المرفوع هو المخطي بلحاظ اثره لأنا نقول هذا النحو من الاستعمال متعارف فانه ينفى المصداق بإسناد النفي إلى الطبيعة فيقال الخطاء مرفوع مع انه بدال آخر يفهم أن المرفوع مصداق ما وقع الخطاء فيه وهذا كالطلاق الذي مر مثاله وسيجيء روايته في ضمن الروايات فان التطبيق على المخطي وهو الطلاق واسناد الرفع إلى الخطاء يكون قرينة على ذلك.
ففي جميع ما ذكرناه يمكن ان يقال بأن الرفع يستند إلى مقتضى الحكم بمعنى أن الشارع دفع ما كان مقتضيا عن اقتضائه وقال شيخنا النائيني قده ان الحكم في فقرة ما لا يعلمون لا يكون له تشريع فان الحكم الّذي يكون مجعولا لا يسند الرفع إليه الا على نحو النسخ فلا بد ان يقال بأن الرفع يكون بمعنى الدفع أي لم يكن الحكم مجعولا من رأسه لمنع مقتضية عن