لا يقال من أين ينفى الاستحقاق بنفي الاحتياط ويثبت به ولا يقال أن وجوبه نفسي لأنا نقول يكون هذا مخالفا لعنوانه فان إيجابه يكون لحفظ الواقع لا لمصلحة في نفسه والشيء لا يخالف عنوانه.
والحاصل بعد عدم كون إيجاب الاحتياط من آثار الواقع كيف يرفع برفعه وجوبه فان الأمر يدور بين ان يكون وجوبه نفسيا وتركه موجبا للعقاب فيكون رفعه موجبا لرفعه أو مقدميا لتحفظ الواقع أو إرشاديا إلى حفظ الواقع ولا يكون كل واحد من هذه الأمور صحيحا لأن وجوبه النفسيّ خلاف عنوانه فانه يكون لحفظ الواقع والمقدمي غير واقع لأن المقدمة مما لها دخل في ذي المقدمة ولا دخل (١) لإيجاب الاحتياط في حصول الواقع وعدمه لأن الشارع ان أوجبه أيضا يمكن ان يعصى العبد فلا يكون وجوبه مقدميا.
مع انه لا يكون العقاب على ذي المقدمة مسلما ليكون ترك المقدمة موجبا للوقوع في الحرام فيوجب العقاب ولا يكون إرشادا أيضا لأن حكم العقل بوجوب حفظ الواقع يكون على فرض وجوب حفظه بالاحتياط واستحقاق العقاب عليه من جهته ولا يكون لنا علم باستحقاق العقاب عليه حتى يكون إيجاب الاحتياط إرشادا إلى ما حكم به العقل فمن أين نثبت الاستحقاق بترك الاحتياط حتى يكون مرفوعا برفعه.
لأنا نقول لنا شق رابع وهو أن يكون وجوبه طريقيا مثل وجوب تصديق العادل فيصح أن يقال ان الواقع من جهة الوجوب الطريقي للاحتياط يكون موجبا لاستحقاق العقاب فحيث ان الشارع رفع وجوبه رفع الاستحقاق أيضا بتوسيطه
__________________
(١) أقول أصل الدخل غير منكر كما هو واضح ولكن لا تكون من المقدمات الموصلة كما انه ينصب السلم للرفع على السطح ولا يرفع إليه مع مسلمية مقدميته ببعض الأنحاء فلو جعل الشارع وجوب الاحتياط فربما يصير داعيا للمكلف لحفظ الواقع ولكن خصوص الاحتياط مما لا يكون وجوبه النفسيّ متصورا بل يكون طريقا إلى الواقع ومقدمة للوصول إليه بنحو من الأنحاء.