التجري ذا مفسدة في الواقع فالقول بالجمع يكون من اجتماع الضدين.
ونجيب عن هذا الإشكال العويص بوجوه : الأول : ان مركز الحسن والقبح اثنان ويكونان في رتبتين فذات صلاة الجمعة رآها الله تعالى ذات مصلحة فأمر بها وهذه الصلاة في رتبة قبل الأمر كانت موضوعا نحويا وصارت متعلقة للحكم الفقهي والإطاعة والعصيان والتجري والانقياد متأخرة عن الذات برتبتين فان الصلاة بعد الأمر بها بعد الإتيان بها يصدق عليها عنوان المعصية أو الإطاعة أو الانقياد أو التجري وهذا واضح وعلى هذا فاللاحظ يرى الذات قبل الأمر ذات مصلحة فيأمر بها وبعد الأمر فالذات المأمور بها يصير بعنوان التجري ذات مفسدة فنرى الصلاة مثلا في رتبتين. قبل الأمر وبعده فقبله حسنة وبعده قبيحة ومعنونة بعنوان القبيح.
فإذا عرفت ذلك فالجواب عن الشبهة هو ان العمل تارة يلاحظ باعتبار المصلحة والمفسدة وتارة يلاحظ باعتبار الحسن والقبح والأوليان أعني المصلحة والمفسدة في الشيء تكونان من آثاره الوضعيّة وتكونان في الخارج ولو لم يكن في العالم لاحظ أصلا لأنهما تكونان من الواقعيات والشيء لا يتغير عن واقعه والطبيعي في الشيء لا يكون مربوطا بلحاظ اللاحظ فان الإنسان إنسان لا يغيره اللحاظ عما هو عليه واما الحسن والقبح فيكونان من الأمور الوجدانية ولو لم يكن في الخارج حسن وقبح فمثل من ظن أو قطع بان في الدار أسدا أو حية يفر ولو كان فيها صديقه أو لم يكن فيها شيء أصلا وهكذا عنوان التجري الحاكي عن الخارج يكون قبيحا ويكون عن الوجدانيات بخلاف المصلحة والمفسدة فانهما توجدان في الخارج ولو لم يكن للوجدان أثر فلم يفر المعتقد بان الأسد في الدار مع عدم وجوده فيها فان كان مراد الاعلام ان الخارج لا يمكن ان يكون ذا مصلحة ومفسدة فهو ممنوع لأن الشيء الواحد يمكن ان يكون بجهات عديدة حاويا لهما وهذا مما لا شبهة فيه فان الصلاة مثلا في باب اجتماع الأمر والنهي يكون فيها مصلحة من جهة انها صلاة ومفسدة من جهة انها غصب وهذا مسلم عندهم وإلّا فالبحث عن الاجتماع وعدمه في بابه يصير لغوا وان كان المراد الوجدان فلا يمكن ان يكون فيه مصلحة ومفسدة