وتارة الكراهة وتارة تتساويان فيصير التجري عملا مباحا واعتقد ان هذا طريق حسن لرفع المحذور.
وأشكل عليه الشيخ الأنصاري (قده) ومن تبعه أولا بأن عنوان التجري لا يخلو اما ان يكون بنحو اللااقتضاء أو بنحو الاقتضاء أو بنحو العلية وبعبارة أخرى الأشياء القابلة للحكم تكون على ثلاثة أنحاء. الأول ما يكون بنحو اللااقتضاء وبأدنى مقتض يتأثر مثل المباحات فإذا رجح أحد طرفيه بالحسن والقبح يقبل حكم الوجوب أو الحرمة أو الكراهة أو الاستحباب. الثاني ما يكون مقتضيا للحسن والقبح بعنوانه الأولى ولكن لما يكون معنى الاقتضاء هو الوجود لو لا المانع فبعنوان ثانوي يتغير حكمه مثل الكذب في صورة المصلحة يصير ذا حسن والصدق في مورد الفساد يصير ذا قبح. الثالث ما يكون بنحو العلية مثل الحسن في الإحسان والقبح في الظلم فانه مع انحفاظ عنوانه لا يمكن أن يصير متقلبا عن واقعه بحال من الأحوال.
ومختاره (قده) هو النحو الثالث أعني التجري يكون تمام العلة للقبح ولا يتغير عن واقعه بحال فلا وجه على ما قاله (قده) لقول صاحب الفصول بالاحكام الخمسة ولا يزال يجب ان يقول (قده) بالحرمة في التجري هذا.
ولكن فيه إشكال وهو ان الحسن والقبح تارة يلاحظ بالنسبة إلى اللاحظ فمن رأي شيئا إذا كان علة تامة للقبح لا يمكن أن يكون غيره مقدما عليه وفيما نحن فيه لا يكون الخروج من رسوم العبودية من العنوانات المتغيرة بل يبقى في كل حال ولكن لا يكون كلام صاحب الفصول في هذا انما الكلام في انه هل يمكن ان يكون مصلحة الواقع في نظر الآمر في أحدهما مقدمة على الآخر مثل ما إذا اعتقد باجتهاد شخص وفقاهته ومع ذلك قتله تجريا فبان انه سارق أو بالعكس فهل يمكن تقديم مصلحة الواقع أم لا ونظر الآمر لا ربط له باللاحظ فان كانت المصلحة في أحدهما أقوى يقدمها لا محالة ولكن اللاحظ يرى الفعل قبيحا ولا يتغير عن القبح أبدا.
والحاصل الفرق بين نظر الأمر بالشيء ونظر الفاعل واللاحظ واضح ولا نقول ان الفعل الخارجي بالنسبة إلى الفاعل ليس بقبيح بل يلاحظ بالنسبة إلى الأمر وما