فتحصل من جميع ما ذكرناه ان الفعل بعنوانه الواقعي يكون مصب الأمر أو النهي لا غير وان التجري قبيح لا حكم له شرعا.
الإشكال الثاني على المسلك المختار (وهو القبح الفعلي والفاعلي في التجري) هو ان الفعل المتجري به خارج عن تحت الالتفات لأن الخارج على الفرض لا يكون مصادفته مع القطع باختيار الفاعل بل المصادفة وعدمها في من شرب المائع يكون بدون اختياره فكيف يعاقب على ما لا اختيار له فيه ولا يمكن الثواب والعقاب على ما لا التفات به والمتجري ان خوطب بأنه يا أيها المتجري لا تفعل كذا يعلم انه متجر ويترك العمل وهذا نظير الإشكال في باب الصلاة عند التمسك بحديث لا تعاد للناسي لجزء من الاجزاء فانه ان خوطب بأنه يا أيها الناسي لا يجب عليك هذا الجزء مثلا يعلم انه ناس ويتذكره فكيف المحيص عنه وهو حاصل إشكال المحقق الخراسانيّ (قده) في الكفاية.
واما في حاشيته على رسائل الشيخ فكلامه ذا وجهين :
الأول : ان جرم شرب المائع يكون خارجا عن الاختيار وما صدر عن الالتفات لا يقصد وهو شرب الماء مثلا وما قصد من شرب الخمر لم يقع فانه تصور انه خمر فاشتاق إلى شربه فمال إليه ولم يصل إلى ما تصوره أولا وعشقه وبلغ إلى ما لا عشق له به أصلا فالفعل الصادر عن المتجري خارج عن الاختيار جدا.
والثاني : لو فرض انه بما هو شرب مائع لا يكون قبيحا وبعنوان التجري يصير قبيحا فهذا العنوان لا يكون قابلا للتصور واعتقاد ما هو المبغوض لا يصادف الواقع ولا يكون بالاختيار وكان عنوان المبغوض صدر ممن هو كالمغمى عليه.
والجواب اما عن الوجه الأول من اشكاله قده فربما يجاب كما عن العراقي قده بان الفعل الصادر الجامع بين الفردين يكون تحت الاختيار والإرادة وهذا يكفى فشارب المائع الذي يكون جامعا بين الخمر والماء أوجد شرب المائع الذي قصده ولكن اشتبه في تطبيقه على الخمر كما يقول به الفقهاء في موارد من انه يكون من الاشتباه في التطبيق كما في باب نية صلاة الظهر مقام العصر مثلا اشتباها