هذه الجهة فان أصالة الإباحة بمدلولها المطابقي ينافى العلم الإجمالي بخلاف أصالة البراءة في كل طرف وهكذا جريان الاستصحابين العدميين مثل استصحاب عدم الحرمة واستصحاب عدم الوجوب فان المخالفة لا تكون بالمدلول المطابقي والمدلول الالتزامي وان كان مناف لذلك ولكن حيث انه من الآثار العقلية للأصل وقد حرر في محله عدم جريان الأصول بالنسبة إلى الآثار المثبتة فلا إشكال فيه.
نعم جريان الاستصحاب في الطرفين أيضا لا يمكن لأن مفاده حيث يكون الكشف عن الواقع والحكم بان الواقع يكون كذلك ينافى العلم الإجمالي في البين بخلاف البراءتين فان مفادهما الحكم في مرتبة الظاهر لا الواقع هذا كلامه قده (١) وقد أخذ بعضه عن الشيخ الأنصاري قده.
وفيه مواقع من النّظر الأول ان قوله يختص جريان أصالة الإباحة بالشبهات الموضوعية قد تحرر في محله انه ما تعم الشبهات الموضوعية والحكمية وكل شيء فيه حلال وحرام قد مرّ منا ان معناه كل شيء يكون في نوعه الحلال والحرام مثل اللحم الّذي يكون بعض اقسامه محكوما بالحلية مثل لحم الغنم وبعض اقسامه محكوم بالحرمة مثل لحم الخنزير يكون حكم المشتبه منه مثل لحم الأرنب مثلا حلال ولا إشكال في أن يكون الخطاب بلحاظ النوع.
واما قوله من منافاة أصالة الإباحة للعلم الإجمالي فهو أيضا فيه النّظر من جهة ان موطن العلم يكون صقع النّفس وما في الخارج يكون مشكوكا ولا يسرى العلم إلى الخارج فالعلم في صقعه محفوظ وجريان الأصل بالنسبة إلى الخارج لا ينافيه ولا يكون للعلم أثر بالنسبة إلى الخارج لأنه لا يمكنه الإلزام بالفعل أو الترك لكونه من دوران الأمر بين المحذورين والموافقة الالتزامية تكون بالنسبة إلى ما في الواقع
__________________
(١) هذا غير موجود في الفوائد بهذا النحو بل بنحو آخر كما في ص ١٦٢ ـ ١٦٣ في مقام بيان عدم جريان أصالة الإباحة نعم يكون هذا الكلام منه في مقام بيان عدم جريان الاستصحاب في ص ١٦٤ وفي المقام قال وكذلك الاستصحاب بعد بيان جريان البراءة فارجع إليه.