المصلحة بحيث لو وصل إلينا ولم يمنع عنه مانع من الجهل وغيره لكان فعليا فان كان الحكم الواقعي من قبيل الأول لا فرق في العلم المتعلق به بين أن يكون تفصيليا أو إجماليا للمصلحة التامة فيجب الموافقة القطعية كما في باب الفروج والدماء واما إذا لم يكن كذلك بل بحيث لو وصل ولم يمنع عنه مانع لكان فعليا يكون لجريان الأصل في صورة الشك فيه مجال لعدم المانع من تطبيق حديث الرفع وساير أدلة البراءة بالنسبة إليه لأنه لم يكن فعليا حتى في ظرف الشك فيه فانقدح بذلك عدم الفرق بين العلمين وانما الفرق في تأثير العلم وعدمه بين المعلومين.
والجواب عنه أولا انه يكون الفرض في موارد العلم الإجمالي بعد العلم بفعلية البعث ويكون الشك فقط من ناحية المكلف به فانه يعلم بأن الاجتناب عن النجس واجب غاية الأمر يكون الشك في انه هل كان هذا الإناء أو ذاك فلا يكون الشك في أصل التكليف حتى يجري البراءة.
وثانيا ان المصلحة (١) تكون منكشفة بأصل الخطاب المتوجه إلى الواقع ولا
__________________
(١) أقول لا يكون في كلامه قده في الكفاية ص ٢٠٨ تعرضا لاختلاف مراتب الواقع بواسطة العلم الإجمالي بل حاصل ما فهمناه من كلامه قده أن الواقع بدليله تارة يكون الدليل بحيث يكون مطلوب المولى على أي نحو كان ولو بواسطة الاحتياط وتارة لا يكون المستفاد من دليله هو مطلوبيته على أي حال فقال في الصورة الثانية يكون لجريان البراءة مجال بخلاف الأولى فلا يكون الإشكال عليه بهذا الوجه واردا وان كان الإشكال الأول عليه واردا.
وعدم فرقه بين العلمين التفصيلي والإجمالي يكون في صورة كشف وجوب الاحتياط من الدليل وهذا صحيح في نفسه ولكن لا يكون دليلا على جريان البراءة في المقام.
واما ما استنبطه مد ظله من لازم كلامه من أن التفاوت لا بد أن يكون بتفاوت العلم والجهل وهو ممنوع عنده ففي أصله كلام متين واستفدنا بعد عنه أنه يقول به فصارت التفاوت في العلمين لا المعلومين.