فكيف يقال بتعيين الحج عليه أو الصدقة بجريان الأصل في الدين فان هذا يكون نقضا لقولهم ان العلم الإجمالي منجز كالتفصيلي.
والجواب عنه أولا بأن الأمارة كما مر يكون مثبتها حجة فإذا دل الدليل على أن الكأس النجس يكون هذا الطرف في صورة العلم الإجمالي بنجاسة أحد الكأسين يثبت طهارة الآخر بمدلولها الالتزامي بخلاف الأصل فان مثبته ليس بحجة ولا يمكن الجواب في المقام بهذا النحو بأن يقال العلم يجعل البدل في مدلوله.
ولكن هنا نكتة أخرى يجب التوجه إليها وهي أنه فرق بين جعل البدل وانحلال العلم الإجمالي فان المقام يكون من انحلال العلم الإجمالي لا من باب جعل البدل.
وبيانه هو أن الإشكال في جعل البدل بواسطة الأصل كان من جهة أن الأثر العقلي لا يترتب عليه جريان الأصل واما إذا كان الأثر شرعيا فلا إشكال في ترتبه ففي المقام نقول في الحج يكون الوجوب مترتبا شرعا على ما هو مورد جريان الأصل وفي النذر يكون الترتب بواسطة النذر فإذا كان الترتب شرعيا لا يبقى إشكال في جريان الأصل بالنسبة إلى الدين لترتب هذا الأثر الشرعي فان من آثار عدم الدين شرعا هو وجوب الحج والصدقة.
والإشكال كله كان من جهة كون جعل البدل من الآثار العقلية وهو مفقود هنا بخلافه في الكأسين فان الترتب كان عقليا فينحل العلم الإجمالي ويصير الشك في الدين فيه الأصل والتعبير تارة باستصحاب العدم في الدين وبأصالة البراءة أخرى في كلماتهم يكون سرّ إناطة الوجوب في الحج على عدم الدين واقعا أو على عدمه ظاهرا فان الاستصحاب يكون نظره إلى الواقع فينزل المشكوك منزلة الواقع والبراءة لا يكون لها النّظر إلى الواقع فيكون مفادها الحكم الظاهري فمن كان الشرط عنده هو العدم الواقعي يتمسك بالاستصحاب ومن كان عنده الشرط هو الأعم يتمسك بالبراءة.
والجواب عن النقض ثانيا بأن العلم الإجمالي يجب ان يكون منجزا في أي طرف وقع مثل التنجيز في الاجتناب عن الكأسين واما إذا لم يكن كذلك فلا يكون له الأثر