ولو فرض أن يكون النشو بمعنى الاتساع في الحكم يكون الأمر أوضح ولا يرد عليه هذا الاستبعاد أيضا لأن اتساع الحكم باتساع الموضوع لا إشكال فيه ولا يقال ان القول بنجاسة ما ذكر لا يثبت المدعى لأنه كما يمكن ان يكون بالسراية يمكن ان يكون بالتعبد لأنا نقول ان هذا الارتكاز على ان سرّ شرطية الرطوبة في السراية هو اتساع الموضوع لا التعبد المحض فقط.
ومما يؤيد هذا المعنى هو مفهوم قوله عليهالسلام الماء إذا بلغ قدر كر لا ينجسه شيء فان الماء إذا لم يبلغ قدر كر ينجسه شيء وهذا يكون ظاهرا في ان ملاقاة نجس لغير الكر يكون هو العلة بمعنى النشو لا التبعد المحض وأما العلية الواقعية فهي ممتنعة في المقام لأن العلة يمتنع ان تكون في المعلول فانها متقدمة ذاتا والمعلول متأخر كذلك وقد أشكل على هذا بأن معنى ينجسه شيء كما أنه قابل لأن يقال يكون علة للنشوء كذلك يمكن أن يكون واسطة في العروض وشأنا من شئون الاجتناب عن النجس الواقعي أو بمعنى اتساع الحكم تعبدا ومن الروايات التي تكون سندا للقول بكون الاجتناب عن الملاقى يكون من شئون الاجتناب عن الملاقى ما تعرض له في الرسائل (ص ٢٣٨) عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام (١) أنه أتاه رجل فقال له وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله فقال أبو جعفر عليهالسلام لا تأكله فقال الرّجل الفأرة أهون عليّ من أن اترك طعامي لأجلها فقال له أبو جعفر عليهالسلام أنك لم تستخف بالفأرة وانما استخففت بدينك ان الله حرم الميتة من كل شيء وجه الدلالة والتقريب هو انه جعل عدم الاجتناب عن الطعام الملاقى للنجس وهو الفأرة استخفافا بالدين فيكون من لوازم اجتناب نجاسة الفأرة الاجتناب عن الطعام الّذي وقعت فيه فيكون الاجتناب عن أحدهما اجتنابا عن الآخر وهذا يكون معنى كون الاجتناب عن الملاقى من شئون الاجتناب عن الملاقى لا التعبد ولا النشو.
وقد أشكل عليها الشيخ الأنصاري قده بضعف سند الرواية مع ان الظاهر من
__________________
(١) في الوسائل ج ١ باب ٥ من أبواب ماء المضاف ح ٢